الرئيسية > البلدان > استراليا ونيوزيلاند ولبنان > حوار مع غبطة المطران مار ميلس زيا

حوار مع غبطة المطران مار ميلس زيا

جرى الحوار : موفق ساوا

ـ منطق رجل الدين وهيبة المصلح الاجتماعي يجمعهما المطران مار ميلس زيا ليأسر بهما قلوب محبيه..
ـ غبطة المطران :الشعب العراقي نسيج واحد يجتمع بتكوينه الاقليات والاكثريات فهم جميعا يشتركون بهـَم ٍواحـد ..
ـ المسلمون والمسيحيون على مدى التأريخ العراقي لم يكونوا ألا اخوة وسيبقون كذلك رغم محاولات الارهاب الجديد القادم من وراء الحدود
ـ اشكر الجالية الاسلامية العراقية في استراليا على مشاركتهم لنا العزاء وسأرد لهم زيارتهم في عيد الغدير فنحن جميعا اخوة وابناء وطن واحد..

اجرى الحوار : موفق ساوا
رئيس تحرير
جريدة العراقية الاسترالية / سيدني

جريدة العراقية كعادتها تركز على الاعمدة الدينية والاجتماعية والثقافية التي تدعم الجالية وتقدم خدماتها لتوحيد صفوف هذه الجالية وعكس الصورة الايجابية عن جاليتنا في استراليا واذا اردنا ان نعد الشخصيات التي قدمت في هذا المجال الكثير من الخدمات الجليلة فلا يمكن ان نتجاوز غبطة مار ميلس زيّا، مطرابوليط الكتيسة الشرقية الاشورية لعموم/استراليا ونيوزيلنده ولبنان، للثقل الديني والاجتماعي الذي يتمتع به هذا الرجل في نفوس ابناء الجالية الاشورية بشكل خاص وابناء الجالية العراقية عموما فروابط علاقاته الاجتماعية متصلة وغير منقطعة مع الكل .. رجل متسامح الى ابعد الحدود ويعشق المحبة والسلام .. اختلطت ثقافته الاكاديمية بنبوغه الديني … جريدة العراقية زارت سيادته بعد الاحداث الاخيرة التي حصلت بالعراق وحاولنا ان نسلط الضوء معه على اهم تداعيات تلك الاحداث وقراءة سيادته الخاصة لما حدث فكان للعراقية معه هذا الحوار …..

العراقية : سيادة المطران، اهلا ومرحبا بك في جريدة العراقية يسعدنا ويشرفنا ان نقدم لقرائنا حوارا مع سيادتكم ..

– : اهلا ومرحبا بجريدة العراقية واشكركم على جهودكم التي قدمتموها الى الجالية في استراليا فقرب جريدة العراقية من كل ابناء الجالية دليل على حرصها ونجاحها فاهلا وسهلا بكم …

العراقية : سيادة المطران كيف تقرأون الوضع العراقي الحالي في ضوء تداعيات حادث كنيسة سيدة النجاة في بغداد..؟!

– : في البدء اقدم التعازي بهذه الحادثة الأليمة لكافة ابناء شعبنا العراقي وبالخصوص لسيادة البطريارك يونان حكيم والى ابناء الكنيسة السريانية بهذا المصاب والراحة والخلود لارواح شهدائنا الى الابد مع مخلصنا يسوع المسيح ملك السلام ..اما بخصوص تداعيات الحادث فانا اعتقد ان الشعب العراقي لحمة واحدة وان مأساة استهداف المسيحيين تضاف الى مأساة استهداف الشعب العراقي ككل ونتائج هذه المأساة تنعكس على كافة اطياف الشعب العراقي والحكومة العراقية وليس على المسيحيين فحسب. الشعب العراقي باصالته وشيمته وتسامحه لم يعرف عنه انه شعب طائفي ابدا والتأريخ يؤكد هذا لذا انا اعتقد ان حادثة كنيسة سيدة النجاة هي حادثة ألمت المسلمين قبل المسيحيين في العراق وهذا ما لمسناه بشكل واقعي .

العراقية : سيادة المطران الا تعتقدون ان العراقيين استطاعوا ان يفشلوا مخططات القاعدة الارهابية بتعاطيهم الايجابي مع هذه الحادثة ..؟!

– : بالضبط هذا ما حصل فعلا ..تعاطي الشعب العراقي مع الحادثة اثبت ان العراقيين متوحدون بالاحزان وكذلك الافراح فهم يحملون هموما مشتركة فرحا وحزنا لذلك لا استغرب حين ارى المرأة المسلمة التي خرجت في الشاشات وهي تنوح على جارتها التي فقدتها بكنيسة النجاة هذه المشاعر التلقائية لا تحتاج الى تفسير فهي وجدانية تنبعث من داخل النفس العراقية بشكل تلقائي والدين الاسلامي دين يؤكد على مبدأ التجاور والمحبة ونبي الاسلام اشار الى هذا المعنى بأحاديث كثيرة نصت على المنزلة العظيمة للجار وهذا يتنافي مع ما اطلقه الارهابيون بالكنيسة من ان هناك بغضاء وعداوة بين المسلمين والمسيحين نحن نتفهم هذا ونعرفه حق المعرفة. ولكننا نعتقد ان الحكومة العراقية ملزمة بالوقوف على مسئولياتها فهناك العديد من المناسبات التي تعيش بها القوات العراقية حالة من التأهب لضبط الحالة الامنية نريد لهذا الحالة ان تستمر ولا تقتصر على مناسبات معينة نريد القوات العراقية ان تكون في حالة تأهب دائمة لحفظ امن العراقيين.

العراقية : دعوة رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة الحلحلة التي حصلت مؤخرا هل تعتقد انها ستنعكس ايجابيا على الوضع العراقي بشكل عام …؟!

– : بكل تأكيد التحديات الموجودة في العراق ليست تحديات امنية فقط فالجوانب الاقتصادية والصناعية واعادة تأهيل البنى التحتية العراقية كلها جوانب مهمة معالجة ملف البطالة العراقية ايضا هذه الامور كلها مرتبطة ببعضها وتساهم بالحلول الامنية فالمجموعات الارهابية تستغل جوانب الفقر والفاقة المادية لتجنيد ضحاياها لذا لا يمكن فصل هذه المواضيع عن بعضها. اضافة الى ان مشكلة التخلف والتدني الاقتصادي والفكري هي مشكلة تعاني منها دول المشرق بشكل عام وطبيعي ان تنعكس هذه المشاكل على العراق حتى لو كان مستقرا ولكن الاستثنائية التي طرات على العراق بعد السنوات الاخيرة اصبحت جزء من التركيب الثقافي ما اتمناه شخصيا ان ارى الاطفال يرسمون الورود ولا يرسمون الدبابات ان يتعلقوا اكثر بجمالية الطبيعية والبيئة ولا ينظروا الى القبح والدخان الذي تخلفه المفخخات.

العراقية : اذن سيادتك تؤكد ان بناء الانسان العراقي هو اساس بناء الوطن وليس العكس فالوطن بلا انسان بلا هوية؟!

– : هذا تعبير منطقي وصادق البناء الفكري والنفسي الصحيح للانسان العراقي يساهم بحل الكثير من مشاكله ويذبح الطائفية ما نخافه ليس المشاكل الطارئة على العراق ولكن ما يخيفنا هو ان تتبلور هذه الثقافة الخطيرة الى واقع فكري وثقافي على ارض الواقع حينئذ سيصعب معالجتها لذلك ارى ان مقولة الدين لله والوطن للجميع اراها مقولة منطقية في هذا المنحى فالدين لله وكلمة الله ليست حكرا على مذهب او ديانة بل هي مطلقة ولكن الوطن هو ملك لجميع العراقيين وهم يشتركون به جميعا لذا عليهم ان يراعوا خصوصية هذا الاشتراك. وقد ان الاوان ان يعود العراق قبلة الشرق ومهد الحضارة لانه اعطى من التضحيات والمعاناة الكثيرة لاجل المحبة والخير والسلام.

العراقية : موضوع الهجرة العراقية وهجرة المسيحيين بشكل خاص كيف تقرأونها ؟؟

– : الهجرة لم تكن عبر التاريخ حالة سلبية فهناك مجتمعات متطورة جدا بنيت على الهجرة كاميركا وغيرها ولكن للاسف هجرة العراقيين كانت غير ايجابية فهي رد فعل على اضطرابات سياسية او حروب لذا الانسان العراقي اجبر على ترك بلده ولم يتركه مخيرا لذلك انا اعتقد ان موضوع الهجرة ستسهم باستنزاف طاقات العراق وستجبر عقوله وكوادره على الهجرة السلبية والخاسر الوحيد من هذه الهجرة هو الوطن. وستستفيد بلدان المهجر من خبراتهم وطاقاتهم في حين ان العراق بامس الحاجة لها. واذا عكسنا هذا الموضوع على المسيحيين العراقيين فانا ارى ان العراق سيخسر كثيرا اذا هاجر المسيحيون منه لأنهم جزء من حضارته الكبيرة وجزء من تشكيلاته البشرية المرتبطة بالتاريخ وافراغ العراق من المسيحيين هو جزء من خطة القصد منها ارسال رسالة بأن العراق بلد طائفي متخلف لا يمكن لثقافة التعايش ان تنضج فيه وهذا غير صحيح لذا اعتقد ان هجرة المسيحيين من العراق امر غير مستحسن.

العراقية : لننتقل الى الجالية العراقية باستراليا كيف تقرأ مشاعر المسلمين تجاه حادث كنيسة النجاة تحديدا باعتبارنا جالية عراقية واحدة ؟؟

– : الحقيقة بودي ان ارسل بطاقة شكر الى السفير العراقي الاستاذ مؤيد صالح والقنصل العراقي الاستاذ محسن يونس عبد المجيد الذين تجشموا عناء القدوم وعزونا بهذا المصاب كما اتقدم بالشكر الى جريدتنا العراقية، التي اقامت مهرجانا شعريا لكافة الشعراء العراقيين الذين صدحت حناجرهم بمدح شهداء الكنيسة وهذه المشاعر لا يمكن ان تكون مفتعلة وانما هي صادقة ونابعة من انفسهم الطيبة كما اشكر مركز الامام المهدي في مدينة فيرفيلد الاخ شيخ حيدر الصمياني والحاج حسن الساعدي الذين قدموا لنا بهيئة وفد لتعزيتنا وسأرد لهم الزيارة ان شاء الله في عيد الغدير كل هذا المشاعر الصادقة تجعلنا نحس بحالة من المحبة والاطمئنان لأنهم اخوتنا في الوطن وانا اشكرهم شكرا جزيلا فقد اثبتوا اخوتهم لنا بهذه المشاعر الصادقة وادعو كافة المساجد العراقية والحسينيات والكنائس ان تتوحد وتقف بوجه الارهاب وتصلي من اجل العراق والشعب العراقي فهذا ما يجب ان نقوم به على اقل تقدير.

العراقية : سيادة المطران كيف نترجم هذه المشاعر الى واقع عملي تتفق عليه مؤسسات الجالية للخروج بمشتركات وطنية ؟؟

– : رفضنا لثقافة القتل وتوحدنا على هذا الرفض هو جزء من عملنا الوطني هناك اية قرانية تقول (من قتل نفس بدون نفس فكأنما قتل الناس جميعا ) فليكن فهمنا لهذا المفهوم الاسلامي السمح هو الشعار الذي تلتف حوله مختلف الاراء لمواجهة هذه الهجمة الشرسة من قبل التجمعات الارهابية في الوطن ولنتعلم المحبة والتسامح ونرفض القتل والعداء وعن المحبة قال جبران خليل جبران : (المحبة تغسلكم وتنشركم كأغمار حنطة ..المحبة لا تعرف الا ذاتها) هذه المفاهيم يجب ان نترجمها على ارض الواقع لنكون جالية متماسكة مع تعدد اراءنا واختلاف ادياننا.

العراقية : سيادة المطران كنا نتمنى ان لا ينقطع هذا الحديث الجميل مع سيادتكم ولكن في ختام حوارنا هل هناك كلمة تريد توجيهها الى الجالية العراقية ؟؟

– : في الختام اشكركم على هذا الحوار فجريدة العراقية هي الاقرب الى ابناء جاليتنا وهي صوتهم الحقيقي في اغلب الاحيان والمواقف لذا ادعو ابناء جاليتنا الى دعم هذا المشروع الثقافي واتمنى ان ارى العراقية بتطور مستمر وكلمتي الاخيرة لابناء جاليتنا الكرام من مختلف المرجعيات ادعوهم الى المحبة والتماسك والسلام وان يترجموا حبهم للعراق الى واقع عملي للتعاون والتماسك فيما بينهم وليس مجرد مشاعر غير منتظمة فنحن جميعا احبة واخوة وطننا العراق الذي لا يمكن ان نختلف بانتمائنا اليه صلواتنا جميعا لشعبنا العراقي بأن يقيه الرب شرور الارهاب والارهابيين ويحفظ بلدنا وليحفظكم الرب جميعا.

العراقية : باسمي وباسم اسرة التحرير والقراء جميعا نشكر سيادتكم ونتمنى ان لا تبخل علينا سيادتك بحوارات اخرى ودمت بخير.

……………………

al-iraqianewspaper@hotmail.com