رسالة قداسة البطريرك مار آوا الثالث، لمناسبة عيد الميلاد المجيد لعام 2021
إخوتنا الاحبة في الخدمة الرسولية، المطارنة والاساقفة الاجلاء أعضاء المجمع السنهادوسي لكنيستنا المقدسة، مع الكهنة الموَقَرّين والشمامسة المختارين وجميع أبناء وبنات كنيسة المشرق الآشورية، تقبلوا صلواتنا وبركاتنا:
انه لمن دواعي سروري البالغ ان اخاطب جميع رتب كنيستنا المقدسة في جميع انحاء العالم، في رسالتنا البطريركية الأولى، لنقدم صلواتنا وتهنئتنا بعيد ميلاد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح. رَجائي ان تكونوا جميعا بحفظ العناية الالهية في صحة الجسد والروح والتي من خلالها يهتم بنا الرب باستمرار في مراحمه الكثيرة في جميع الأجيال.
بينما تحتفل كنيسة الله المقدسة، مرة أخرى، في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر/ كانون الأول، بعيد ميلاد ربنا يسوع المسيح في الجسد، فاننا نُذَكَّرُ بالتدبير المقدس والالهي الذي صنعه الله، أب ربنا يسوع المسيح من أجل خلاص العالم. في ملء الزمان الذي عينه الآب بحسب سلطانه الالهي وحكمته، أرسل في العالم مخلص، الذي أشار اليه ملاك الرب بـ”المسيح الرب”، ليخلص العالم من براثن أعداءنا الثلاث، الخطيئة، الشيطان والموت. لذلك يقول الرسول الإلهي، القديس مار بولس “ولكن لما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة، مولوداً تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس، لننال التبني” (غلاطية 4: 4-5).
أرسل الله الآب ابنه الوحيد، الذي كان في حضن من أرسله فوق كل العصور، وفي ملء الزمان، اخذ إنسانية كاملة من القديسة مريم العذراء، ليحررنا من الناموس ومن الاعمال الميِّتَةِ للشريعة القديمة. وهكذا ومن خلال اخذ انسانيتنا، أصبح ابن الله واحداً معنا في كل شيء، ما عدا الخطيئة، وبذلك أظهر لنا حبه العظيم واللامتناهي.
لقد اقترب الله أكثر من خليقته بطريقة فريدة من نوعها، بارسال ابنه الوحيد حتى لا تبقى البشرية دونَ رجاءٍ. لذلك، فأن المسيح، وهو إله حقٌّ وإنسانٌ حقٌ، أصبح انساناً باخذ الطبيعة والاقنوم البشري الحقيقي والكامل لكي يجعلنا “شركاء الطبيعة الإلهية”، وفقاً للنعمة، كوعد للحياة الحقيقية والروحية في ملكوت الله. (2 بطرس 1: 4).
ولأنه جعلنا مستحقين لمثل هذه الهبة العظيمة التي لا يمكن فهمها، فنقدم في كل ساعة الشُكرَ لإبنِ الله الذي ولد من أجل خلاصنا وفقاُ لانسانيته من القديسة مريم الطوباوية. في كل موسم، يعطي رجاءاً لحياتنا حتى يتسنى لنا في جميع الظروف الصعبة، ان نكونَ شاكرينَ لإسم الله المقدس من أجلِ تدبيره لنا وعلى نعمه الوفيرةِ.
في العالم الذي نعيش فيه اليوم، هناك عدد لا يحصى من الاضطرابات والصراعات المتنوعة وفي العامين الماضيين انتشرت أيضاً جائحة مروعة على البشرية جمعاء والتي اصبحت سبباً لإنتشار العديد من الوفيات ومصدراً للاحزان بيننا.
ولكن وعلى الرغم من ذلك، فلن ننسى أبداً ان الله هو رب الخليقَةِ ويسيطرُ على جميع عناصر الأرض وأزمنة العالم، الهنا منتصِرٌ وقدير دوماً وهو الذي يعولنا ويهتمُ بنا وهو رجاءُ حياتنا.
يذكرنا القديس يوحنا الطوباوي باننا نحن ايضاً منتصرون في المسيح على كل ظروف العالم وقواه “أنتم من الله أيها الأولاد، وقد غلبتموهم لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم” (1يوحنا 4: 4).
في هذا العيد المقدس الذي نقترب فيه بايمان ومحبة كاملةٍ للمسيح الذي ولد كطفل من القديسة مريم العذراء، لنقدم له الهدايا الروحية بدلاً من الهدايا الدنيوية، وهي محبتنا وعبادتنا وإكرامُنا. عِوَضُ المغارة، نجعل قلوبنا مسكناً يليق بعظمة لاهوته. ولنسرع مع الرعاة في عبادته بمحبة نقية وتكريس كامل دونَ شَكٍّ، ولنطهر قلوبنا من كل حقد وغضب وحسد لكي تصبح هياكل تستحق جلالته. بهذه الطريقة، سنتمكن من ان نصبح محتفلين حقيقين بميلاد ابن الله الذي ظهر في الجسد من اجل خلاصنا.
في الختام، نتقدم بالتهنئةِ بعيد الميلاد المبارك والمقدس لكم جميعاً، اخوتنا وابنائنا، وجميع أبناء وبنات امتنا الآشورية والى جميع اخوتنا في المسيح في جميع انحاء العالم.
نصلي ان يمنحكم الله جميعاً، حياة مليئة بكل بركة ونعمة، بعيدةٍ عن كل اشكال الخطيئة والانقسام وأشدَّاءٍ في الايمان الحقيقي بالله اب ربنا يسوع المسيح وباعمالٍ صالِحَةٍ روحيةٍ ويكللكم بكل فضيلة مسيحية. نتقدم ايضاً بصلواتنا من أجل عام جديد مبارك، عام 2022 ونطلب ان تكون خالية من الاحزان ومليئة بمراحم وبركاتِ الربِّ لجميع أبناء كنيستنا المشرق الاشورية المقدسة وامتنا الآشورية في العالَم وكذلك للمعمورَةِ جمعاءٍ ودون تَمييزٍ.
نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله الآب وشركة الروح القدس، تكون معنا جميعاً الى ابد الآبدين. آمين.
كتبت في قلّايَتِنا البطريركية في أربيل، العراق في عيد ميلادِ رَبِّنا بالجَسَدِ لعام 2021م
مار آوا الثالث رويل
بالنعمة: بطريرك كنيسة المشرق الآشورية في العالم
لمشاهدة الفيديو، يرجى الضغط على الرابط التالي:
https://www.facebook.com/104179685365920/videos/1272646406587734