كلمة غبطة المطران مار ميلس زيا، اثناء حضور قنصل جمهورية العراق في قداس ليلة عيد الميلاد
في ليلة ميلاد مخلصنا يسوع المسيح واثناء حضور سعادة قنصل جمهورية العراق في سيدني، السيد مظفر الجبوري، الذي جاء مهنئاً ابناء الكنيسة لمناسبة اعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية الجديدة، القى غبطة المطران مار ميلس زيا، الوكيل البطريركي لكنيسة المشرق الآشورية لابرشيات استراليا ونيوزيلاند ولبنان، كلمة حمل من خلالها قلق الكنيسة على اوضاع مسيحي المنطقة العربية ازاء المستقبل الذي ينتظرهم، ومرحباً بضيوف كنيسة المشرق الآشورية الذين حضروا جزءاً من القداس وهم كل من، القمص تادرس سمعان، وكيل عام مطرانية الاقباط في سيدني، والقمص شنودة منصور، رئيس مجلس كنائس ولاية نيو ساوث ويلز، والمهندس عادل حلقة من مجلس الكنيسة القبطية، والسيد موفق ساوا، رئيس تحرير جريدة العراقية الصادرة في سيدني، والذين قدموا ليلة العيد لتقديم تهانيهم في هذه المناسبة.
ادناه نص الكلمة التي القاها غبطة المطران مار ميلس زيا في كاتدرائية القديس ربان هرمزد في سيدني:
السيد القنصل مظفر الجبوري المحترم
الاباء الكهنة والشمامسة الحضور
احبتنا المؤمنين
مع نشيد الملائكة نقول لكم: ” المجد لله في العلى وعلى الارض السلام وللناس المسرة”
في هذا اليوم المبارك وفي هذه اللحظات التي نخصصها في القربان المقدس، حــَـلـَّــتْ الساعة المباركة لخلاص البشر، والتي اعلنت امام القديسة مريم العذراء، من خلال حضور الملاك جبرائيل اذ قال: ” وها انت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع ، هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الاله كرسي داود ابيه، ويملك على بيت يعقوب الى الابد ولا يكون لملكه نهاية” ( لوقا 1 : 31)
نحتفل بهذا اليوم بميلاد يسوع المسيح، رسول المحبة والسلام المرسل الى الارض، فقد جاء المسيح ليرفع الظلم عن البشر، ويشرق على الجالسين في الظلمة، فينتزع الخوف من قلوبهم، ويزرع الامان، وليكتسح الحزن بالفرح، ويبشر الثكالى واليتامى والارامل بالرجاء الصالح لبني البشر.
جاء المسيح متواضعاً في حياته وسيرته وحتى في ولادته، لكي يربطنا بإلهنا في السماء، ومع اخينا الانسان على الارض، فكان يجول الارض ليصنع الخير، ولكي يعلمنا نحن من بعده ان نترفق بالفقراء ونكون مع الضعفاء والمحرومين، مع الحزانى والمأسورين في محنهم.
الميلاد هو دعوة الى التفاعل مع يسوع المسيح، من خلال السير في نهجه في طريق السلام الحقيقي، وهو فرصة لترميم ما تهدم من نفوس تمادت في الشر، ولقطع الطريق امام من أمعن في ثقافة العنف ضد اخيه الانسان.
لقد جاء يسوع المسيح الى الارض من اجل بناء حضارة المحبة، لكي يحب الانسان خالقه، ويحب الانسان اخيه الإنسان ويحب الانسان ذاته. فالميلاد هو فرصة لتعلم احترام الاخر، هو صوت يزلزل في عالم الظلم، فيدعوه للاستراحة من شر اعماله.
يأتي الينا هذا العيد، وسط اجواء يسود فيها القلق والتخوف على مستقبل المسيحيين في الشرق الاوسط، فتضاف مأساة اخوتنا في سوريا الى ما آلت اليه احوال شعبنا في العراق.
واجبنا لاخوتنا في عيد ميلاد رسول السلام، ان نساندهم ونقف معهم لكي يتجاوزوا المحن نحو غد مشرق، وامنياتنا ان تصبح الاوطان التي يسود في الصراع، رسالة ً للتآخي والسلام والحب الى جميع العالم، ونجعل من فرصة الميلاد، مناخاً للتكاتف والتعايش لبناء اوطان اثخنتها جراح الحروب.
امنياتنا في العيد ان تنتصر لغة المحبة على آفة الكراهية، وورود السلام على آلات الموت، امنياتنا للبلدان التي تعاني من تقهقر في امنها، ان يرتفع فيها صوت الحوار على قرقعة السلاح، فالحروب لا تولد الا مزيداً من الحروب والقتل.
حباً بالعراق العظيم صاحب اول حضارة عرفتها البشرية، وتاكيداً على انسجام مكونات العراق، يحضر معنا مشكوراً قنصل جمهورية العراق في استراليا، السيد مظفر الجبوري الذي يضع يده بيدنا فرحاً بأفراحنا، ولترسيخ معاني التآخي الوطني والمحبة الصادقة بين العراقيين.
السيد القنصل ورغم حداثته في منصبه الجديد، نجده فاعلاً بين الجالية وبالأخص في مناسباتها الخاصة، ونلــتـمس من خلال حضوره معنا في هذه الليلة المباركة، عميق احترامه للجالية المسيحية في سيدني، ليعكس حرصه على بث اجواء التآخي والتآلف بين مكونات الجالية العراقية في استراليا، وهي صورة مستحضرة من عمق تاريخ التعايش المشترك في هذا البلد العريق باصالته وفكره وثقافته وتواصله مع الآخر.
وهذه الخطوات الوثابة، تسهم في نمو الحس الترابطي لابناء الجالية وتجعلهم يشعرون بمعاني حضور حكومة العراق وسط أجواء الميلاد، لكي لا يكون هذا الحس الوطني مغيباً عبر المسافات الفاصلة بين بغداد وسيدني.
من هذا المنبر الكنسي، التابع لكنيسة المشرق الآشورية في سيدني، ادعو بالتوفيق والسداد في المهام الملقاة على عاتق ممثلية حكومة العراق في استراليا ونيوزيلاند لدورها في مد جسور الثقة وتقوية وشائج المحبة بين الوطن والجالية، ونتمنى ان تتكرر هذه الزيارات المتبادلة، لما فيها من أثر طيب على الجميع.
اهنئ جميع العراقيين وبالاخص المسيحيين منهم لمناسبة اعياد الميلاد وحلول رأس السنة الميلادية الجديدة متمنيا لهم عاما مفعماً بالخيرات والبركات والمحبة والتميز، وان يعم السلام في المناطق التي تشوبها الاحتقانات والتوترات المهلكة، وان يعطي العراق من جديد للشعوب الاخرى من توهج حضارته وابداعه، فيعود اليه دوره الريادي في المنطقة.
نصلي ونتضرع الى الله، طالبين من رحمته السماوية أن تغدق على بلاد ما بين النهرين بوافر نعمتها وبركتها، وتملأ قلوبنا جميعا بسلامه وعدله، ليعيش شعبنا سوية في التناغم الواحد، ويشفي الجراحات، ويلهم الجميع، وحدة القلب والفكر، في صنع عراق هو البيت المثالي لكل طوائفه وقومياته.
اعياد ميلاد مجيدة اتمناها للجميع
شكرا لكم ولحضوركم معنا ونتمنى لكم التوفيق في السلك الدبلوماسي.