حوار الاب نوئيل فرمان السناطي مع غبطة المطران مار ميلس زيا
تصوير الشماس عوديشو بولس المنـّو
استراليا، 23 آب 2017
في شيكاغو، لدى تشييع مثلث الرحمة البطريرك مار دنخا (26 نيسان 2015) كان تعارف سريع مع مار ميلس ميطرابوليط استراليا ونيوزيلندا ولبنان. وخلال زيارة الى سدني، في آب الماضي، كان هذا أول لقاء مستفيض مع نيافته، بحضور الصديق الشماس عوديشو المنّـو الزائر من ملبورن.
وبدون اتفاق صحافي مسبق، سرعان ما تحولت المواضيع المطروقة الى ما يصلح أن يكون مادة مقابلة صحافية، ورحب مار ميلس في أن تكون كذلك؛ عندها جرّنا الحديث الى تباين القِيم بين الغرب والشرق، بين الإرث المسيحي وثوابته الانجيلية والانسانية ، وتحديدا ما يتم، في المجتمعات الغربية، من ضغط لفرض سياقات رسمية غير مسبوقة في النظرة الى تكوين العائلة من المثليّين، لحدّ جعل ذلك على قدم وساق من المساواة مع الارث المعتاد في القيم الدينية. وما دفع جانب المؤمنين الى التحرك وكأنهم هم الاقلية الصامتة، وهنا لفتت انتباهي صيغة مطالبة يدعو مار ميلس الى التحرك بموجبها مع الجهات البرلمانية والحكومية فقال:
مار ميلس: حان الآن للمطالبة المسيحية المشتركة بتشريع قرار ينصّ على أن:
(الكنائس والمؤسسات الدينية، يكون لها الحق بأن تدير وتتـّبع تعاليمها العقائدية وتشريعاتها بكل حرية.)
وقد وردت على لسانه بانكليزية جميلة تسللت الى حديثه أكثر من العربية التي يجيدها ايضا وبهذه الصيغة:
To pass a legislation according to which, churches and religious institutions are free to administer and to follow their doctrinal teaching and laws, freely as they wish.
وعلل مار ميلس هذه المطالبة خصوصا وأن الطرف الاخر يعمل حثيثا في فرض الاتجاه المعاكس، كأن يذهب أحدهم فيوصي في رياض ومدراس الأطفال أنه يريد المعلمة ان تقول لهم: لا ضير من قيام العائلة والعلاقات أيضا على اساس المثليين جنسيا، واننا لا نريد قيام التربية على كراهية الاخر! فيتساءل مار ميلس:
ومن قال اننا نعلـّم أحدا على الكراهية! واستطرد قائلا: ولكنهم أمام تحضير نفسي للاطفال الى قبول هذا كواقع جديد. وهكذا تأتيني طفلة وتسأل: ما الضير في هذا؟ فأسألها من جانبي: اتعرفين يا ابنتي ما هي انعكاسات ذلك ونتائجه؟ أم أنك فقط تتكلمين هكذا؟ لتجيب: لا يهمني ما هي النتائج.
بين بناء الكنائس وبين انشاء المدارس الخاصة وعليه فإن ما يحزّ في النفس باتجاه كنائسنا، على مختلف مسمياتها، أن الشيء الأول الذي كان الأولى أن يعملوه هو بدل ن يعطوا الاولوية المطلقة في الانفاق على المباني الكنسية، وتأثيثها وتزيينها الداخلي بأثمان باهضة تصل الى الملايين، بأ ينفقوا بالأحرى مقدارا رئيسيا من النقود على المدارس والمؤسسات التربوية. لأنه لم يعد لنا مكان فيه نستطيع ان نحمي أولادنا، غير المدارس الخاصة؛ ولأن الاولاد الذين يرسلونهم الى المدارس العامة، سرعان ما تختلف عندهم القيم بنحو مناقض. هذا ما يمكن ان نشاهده في مناطق شعبية من المدينة: مخدرات، مثليين، حشيشة، مشروبات كحولية، معارك شارع وعصابات…
أ. نويل: ما هو الرأي في مقترح ان مختلف الكنائس الآشورية الكلدانية، السريانية، الكاثوليكية والارثوذكسية واللاتينية وغيرها، أن يكون هذا الموضوع مشتركا بينها…
مار ميلس: هذا ما أودّ أن أقوله
أ. نويل: اما يوجد المجال لتحرّك مشترك في التأثير بمثابة كتلة ضاغطة…
مار ميلس: أبونا لو تعرف كم نعمل في مثل هذه الضغوط! لكن المسألة أنهم عملوا في استراليا الاحصائيات: فوجدوا أن 60 في المائة من الشعب الاسترالي هم من غير المؤمنين، من الإلحاديين، فماذا نعمل مع هؤلاء؟ في أحد الأيام كنت في اجتماع ضم انگليكان وكنائس متحدة وكنائس مشيخية… طالعت آجنده الاجتماع فإذا هي عن: النساء القسيسات، حقوق المثليين من الذكور والاناث، قيام قسس مثليين. قلت مع نفسي لننتظر ماذا يطرحون أيضا… وفي نهاية هذه النقاشات قلت لهم: هل يمكنني أن اقول شيئا؟ قالوا: أجل أجل، فنحن نريد أن نسمع موقف الأرثوذكس من هذا الشأن؟ قلت: إني متعجب ومحتار ومتفاجئ، ففي هذا البلد يوجد أكثر من 60 % من الناس وهم غير مؤمنين ومن الالحاديين. فبدل أن تأتوا وتقولوا: تعالوا نرى ماذا نعمل لنشر بشرى الانجيل، ونعيد اهتداء الناس الى المسيح… أنتم جدول اجتماعكم اقتصر على مواضيع قد تناقشها اي جهة غير دينية، وعن المرأة القسيسة وما إلى ذلك… قسيسة لمن؟ إذا كانت كنائسكم فارغة؟ أقيموا ما تشاءون من قسيسات. ولكن اذهبوا إلى معابدكم، كنائسكم الانگليكانیه في انكلترا حولتموها اما إلى شقق سكنية او مخازن او سينمات أو مقاهي أو نوادي أو جوامع. الكنائس المتحدة، تذهب إليها فتجد بعض المسنين، حوالي العشرين نفرا، يأتيهم القسيس للقربان… بل لا يوجد عندهم قربان، فقط نصف ساعة موعظة ثم يخرج مغادرا.
أ. نويل: ماذا كان جوابهم؟
مار ميلس: الواحد ينظر الى الاخر، بصمت، لكن كلمة الحق يجب ان تقال.
لقد حدث وجاؤا الى كنائسنا، فوجدوها مكتظة نهار الاحد بالمؤمنين، حوالي الالفين، فسألوني: هل كل نهار أحد لكم مثل هذا الكم من الناس؟ قلت لهم: نعم وهذا هو الحال في سائر كنائسنا المشرقية، الكاثوليكية، الأرثوذكسية، من كلدان وسريان وغيرهم. وقلت لهم: هذا الفرق بيننا وبينكم عندما يقتصر الحديث عندكم على الزواجات بين المثليين واقامة قسيسات ومواضيع عن حقوق الانسان… ومواضيع حوارات مع أديان قد لا تجدون معها في النقاش ارضية مشتركة. وآضاف مار میلس: اننا امام نوع محزن من انواع الجهل…
في لبنان تثبيت اسم الكنيسة الآشورية الأرثوذكسية
أ. نويل: سيدنا، لفتت انتباهي مفردة استخدمتموها في الحديث وهي وصف جانب الكنيسة الاشورية بـ (الارثوذكسية) وقد سبق واعتمدها الباحث الفرنسي جان پيير فالونيه، في كتابه (حياة وموت المسيحيين في الشرق الاوسط) عندما صنّف العائلات الكنسية المذهبية في الشرق الاوسط بين الكاثوليك وغير الكاثوليك، فسمى الاشوريين باسم: الاشوريين الارثوذكس، مقارنة بكلدان وآشوريين كاثوليك…
مار ميلس: نعم هذه المفردة تتجاوز الالتباس، وبها سجلت كنيستنا في الدوائر الرسمية بلبنان: الكنيسة الاشورية الارثوذكسية. وأضاف:
– في جانب التحاور مع الجانب الكاثوليكي، في شهر نوفمبر، نحن ذاهبون إلى الفاتيكان…
مع الفاتيكان، الاتفاق القادم على الأسرار
أ. نويل: يطالعني بفرح ما ارى من اعتزاز في لقاءاتك مع الباباوات، في الصور هذه التي بجانبنا…
مار ميلس: تعوز الصورة مع البابا يوحنا بولس الثاني، وانظر هناك، الصورة مع سيدنا ساكو، فنحن معه اصحاب، أصحاب…
وعن موضوع اللقاء في الفاتيكان قال مار ميلس: نحن في 26 و27 نوفمبر بصدد القيام بإعلان مشترك حول الأسرار السبعة.
أ. نويل: وكان حتى الان الاتفاق الوحدوي الذي بموجبه (حيثما يكون كاهن من احدى الكنيستين الشقيقتين: الكلدانية والاشورية، فهو يخدم ايضا الاسرار لأبناء الكنيسة الشقيقة الأخرى…)
مار ميلس: الان نتقدم نحو خطوات أكثر، على أساس اتفاق مشترك على الأسرار السبعة ومن ثم نتحول الى مرحلة ثالثة.
أ. نويل: هذا شيء مفرح، وماذا عن سر الزواج؟
مار ميلس: فعلا الزواج ليس ضمن الاسرار لدينا، ولكن الاتفاق ان يكون القبول المتبادل بالاسرار لدى الكنيستين الكاثوليكية والاشورية. نعم كان الزواج عندنا ضمن الأسرار وحتى طقس الموتى. ثم طرأت تغيرات في تحديد الاسرار.
أ. نويل: حتى الكنيسة اللاتينية سر الزواج فيها يعتمد على اعلان رضا الطرفين وقبول العلاقة الزوجية، أمام من يمثل الكنيسة كشاهد على السر.
وعن ذكرياته عن الفاتيكان قال مار ميلس:
عندما يكون وفدنا في روما، ننزل في نفس البناية التي صار يعيش فيها البابا فرنسيس، فيما كان البابوات يسكنون في شقة مستقلة. وهكذا في أحد الايام التقينا معه في نفس المصعد، وكنا معًا على العشاء بحضور البطريرك. دخلنا في مناقشات عن استراليا وأحداثها، وكان ذلك عبر مترجم انكليزي، مع المداخلة ببعض العبارات الانكليزية، وكان يبدي الكثير من الاهتمام بتلك المواضيع.
أرى بأن الكنيسة الكاثوليكية تحتاج الى التغيير وأن يكون تغييرا تدريجيا، وذلك لتفويت الفرصة على مختلف المناوئين. خصوصا فيما تستهدف به في هذه الناحية أو تلك، بهدف الاستغلال وكسب المال. الكنيسة الكاثوليكية بل كنيسة المسيح على الارض عموما، هي آخر سور منيع إزاء مختلف الحركات اليسارية المتطرفة وغيرها من الذين يضعون أمام أعينهم، أنه حالما غـُلبت كنيسة المسيح، عندئذ ينقضي كل شيء لصالحهم.
أ. نويل: نعم فالهدف مشترك. إزاء هذا، لنأخذ الكنيسة الاشورية والكنيسة الكلدانية، هناك أكثر من رأي أن ثمة تراكمات ايجابية ومنها متباينة بين الكنيستين، ولا يرون ضيرا في استقلاليتهما عن بعضهما، فإن كان الامر كذلك، ما هي خطوات التقارب على مستوى كنيسة روما الكاثوليكية. هذا التقارب نراه إذن يجري على مستوى الشركة العقائدية، وانتم بصدد التقارب بشأن الاسرار، إنه تقارب المحبة.
مار ميلس: الوحدة الكنسية ليست مسألة من يكون الرأس، المسألة هي أني أنا وأنت يربطنا حب المسيح وما يصيّرنا كمسيحيين في الشرق وما هو مشترك بيننا، فالداعشي عندما يذبح لا يفرق بين كلداني وآشوري.
أنا أدعو إلى أن نمضي في اللقاءات مع بعض بين جانبي الكنيستين الاشورية والكلدانية، نجلس مع بعض بمحبة، ونخرج ونشارك الشعب على ما اتفقنا عليه، وما نقوم به من خطوات. وبذلك تصير التوعية للشعب، بما يجمعنا كمسيحيي المشرق. وأدعو الى المزيد من الخطوات التي من شأنها توثق اواصر المودة، بين بعضنا وبيننا وبين الشعب. مثل هذه الخطوات نعيشها هنا ميدانيا، عندما يدعوني مار اميل الى مناسبة أذهب، ونعيش ونشهد لما يربطنا من مودة واحترام، في دعواتنا ولقاءاتنا المتبادلة. هذه العملية بقدر بساطتها، لكن صداها يتحسسه الشعب بارتياح. وهكذا نمضي بالبناء على مستوى لقاءات الكهنة، وتجمعات دورية للشبيبة، وسفرات من كنيستك ومن كنيستي، بحيث شيئا فشيئا نبني ذلك الشعور المحبب لدى الشعب، وتذوب فيما بينه السلبيات، ويكون الشعب عندئذ جاهزا للوحدة ومطالبا بها.
ما يجمعنا من تاريخ ومصير
ا. نويل: سيدنا ينحو حديثنا منحى يرشحه ليوثق اعلاميا، ما هو رأيك؟
مار ميلس: نعم وانا استجبت للكثير من المقابلات، آخرها من الرابطة الكلدانية في ملبورن، واسعى للاستجابة لها بعد ما يتوفر لي من وقت، فقد دعوني لأن أحاضر عن الطرق التي نستطيع من خلالها أن نبين للشعب الكلداني وللشعب الاشوري كل ما يجمعهما من عناصر، بغض النظر عما وضعته فيما بينهما الاحزاب الوطنية السياسية: فلقد قسّمونا بالتسميات وقسّمونا بأحزاب متضادّة، يشتمون الواحد الاخر في الانترنيت، يكتب هذا ضد هذا وهكذا…
جاءني مرة، ممثلون من مختلف الاحزاب، وبدأوا يتكلمون نحن ونحن الاثوريين… قلت لهم:
أريد أن اقول شيئا بسيطا جدا. شيء مما يسمى بالحقيقة الواقعة، الواقع العملي. يوجد شعب يسمي نفسه بأنه كلداني ويؤمن بذلك. لماذا انت تأتي وتقول لهذا: لا أنت بالرغم منك أشوري. عجيب! والله عجيب، أن أقول للكلداني أنت لست كلدانيًا انت آشوري. هؤلاء عندهم هذا الايمان ويؤمنون به. إذن يوجد شعب هنا وشعب هنا. هذا عنده فيما بينه علاقات وروابط وثقافة وتاريخ. سؤالي الوحيد ما هو الخطأ أو حتى الجرم، أن يقبل الواحد الثاني. ما الضرر أن يقول لي الموقر عوديشو أنا كلداني: أقول له: أهلا أخي الكلداني.
لماذا يخرج هذا أو ذاك بالانترنيت ليقول: لا ليس هناك شعب كلداني وآخر يجاوب. حالة مزرية عندما الواحد يلغي الاخر، بينما مصيرنا الاثنين هو مصير واحد.
أ. نويل: هل هذا هو تصريح شخصي من مار ميلس، أم ان ثمة مجموعة أساقفة بهذا الاتجاه؟
مار ميلس: هذا مني ومن مجموع اساقفة، ولا يوجد جماعة لا يكون فيها قلة من المدرسة القديمة. أجل إن هناك شيء اسمه حقيقة، كيف حدثت هذه الحقيقة، كيف جاءت… هذا موضوع، لكنها في نهاية الأمر واقع حال ولنا أن نقبل به.
مرة في تصريح تلفزيوني، قلت: نحن الاشوريين والكلدان: كثيرا ما اختلفنا وتشاحنا حول مسألة الاسماء وما إلى ذلك، لكني أود أن اقول لكم، نحن كلانا وكأننا في سفينة واحدة، الشعب الاشوري والشعب الكلداني، وهذه السفينة تتقاذفها الامواج، ونحن كلانا مهدد بالغرق، ليس باستطاعة كل منا أن يلقي نفسه في البحر، فالساحل بعيد لنخلص، ومع كل هذا لا نتفق كلانا على طريق الخلاص. كلانا في السفينة الواحدة يتهددنا المصير الواحد، ونحن نتعارك مع بعضنا.
أ. نويل: سيدنا، ما الذي يجعلك تقول اننا كلانا في سفينة واحدة؟
مار ميلس: الاشوريون والكلدان، فقدوا ثقافتهم، لم يعد بوسعهم أن يحموها. ليس لنا مؤسسة كبرى مشتركة تحمي ثقافة الاباء وارثهم، ولا اللغة استعطنا أن نحميها؟
أ. نويل: كيف؟
مار ميلس: اعطيك مثلا: اطبع كتابا بالسورث. من يشتريه؟ تطبع الف كتاب، خمسون منها يباع والباقي يبقى للتلف، لغة كتبنا لا احد يفهمها ويقراؤها. لغتنا تضيع وبالتالي هويتنا تضيع. والمرء الذي لا يحافظ على لغته، فحتى هويته ايضا تضيع. كل منا اصبح بين استرالي، نيوزيلندي، امريكي او كندي وغير ذلك.
الشيء الثاني، موضوع كنائسنا. أبونا في يوم من الايام وانت تكرز الموعظة، يمكنك ان تعاين الجالسين أمامك من المؤمنين، سترى الناس بغالبيتهم العظمى من المهجرين حديثي العهد او السنوات. ويمكنك ان تحصي كم واحدًا منهم ولد هنا، في بلد الانتشار. أجل إن كنائسنا مملوءة ولكنها مملوءة من القادمين الجدد، من جيلنا، ولكن أبناءنا لا يأتون: لماذا: لأن توجد حرية الاختيار. يقول لك قائل: أنا اذهب الى كرازة إحدى الكنائس المسيحية، إنهم يتكلمون بمفهوم قريب مني وبما أحتاجه من الكتاب المقدس. لماذا اذن اذهب عند الكلدان أو الاشوريين، وأبقى اسمع: لا تعمل هذا ولا تذهب الى كذا ولا تتصرف هكذا. إني أذهب الى كنيسة تناسبني. إن الذي يحدث مع شعبنا، إنه يذوب في الشعوب الاخرى.
أجل ان الشعب عندما يفقد اللغة، يضيّع ثقافته وأغانيه وأشعاره ولهجاته، عندئذ يضيع كل شيء، خصوصا أنه ليس لنا أرض يتشبث بها فيقول: هذه ارض اجدادنا: قل لأحدهم اليوم، كلداني أو اشوري، هذه ارض نينوى، وقد عملوا فيها حكومة باسمنا وجمهورية من عندنا، فهل تعود؟ لا أعتقد.
أ. نويل: مهما كان سيدنا، للمفارقة أقول اني فرحت، وان كنا مهددين، عندما قلت نحن كلانا في السفينة الواحدة. أود أن أسمع ما هي العناصر المشتركة بيننا لتسوق هذا التشبيه بأن نكون كلانا في سفينة.
مار ميلس: أجل، كلانا تجمعنا لغة واحدة، حياة مشتركة، موجودين في تاريخنا المشترك، لدينا علاقات مصاهرة وزواج، هذه وغيرها تجمعنا في هذه السفينة.
ولكن للاسف، هذه العناصر ايضا، ذاهبة نحو الاختفاء: لأن أبناءنا يتزوجون من المحليين، العلاقات العائلية تتبخر، وأبسط مثال على ذلك عندما تزور أحد البيوت وترى اولادنا وبناتنا، كل مشغول بهاتفه الجوال، أنت تتكلم لا أحد يسمع. هذا …. (مشيرًا الى الايفون) قطع العلاقات الاجتماعية. نحن الذين نعتبر كشعب اجتماعي، لسنا انعزاليين مثل شعوب اخرى، نحن نجلس معا نتكلم، نضحك نأكل ونشرب، هذا ايضا بدأ يقل في علاقاتنا الاجتماعية التي بدأت تغيب، وتغيب معها المقومات التي تجمعنا. ولا يوجد أمامنا في المدى المنظور شيء مطمئن للعيش الامن في المنطقة، خصوصا مع بروز الاصولية والارهاب والغاء الاخر. بينما تعمقت اساساتنا في بلدان الانتشار.
السعى الكنسي الى رحلات الحج إلى أديرتنا وكنائسنا
أ. نويل: ولكن سيدنا، يمكن التشجيع على التواصل مع البلد بطريقة أو بأخرى.
مار ميلس: نعم، فكرت مليا في هذا الحل. تأتي الشبيبة عندي ويقولون: سيدنا نذهب سفرة الى اورشليم. أقول لهم: في العام الماضي ذهبتم الى هناك، لماذا هذه السنة لا تذهبون الى شمال العراق: اربيل، الربان هرمز الاديرة الكنائس القديمة، وهكذا شجعنا أن تذهب مجاميع الى البلاد فقالوا: كيف يا سيدنا لم نأتي الى هنا من قبل.
فأنا أؤيدك ان التواصل ممكن عندما الكنيسة تعمل مثل هذه السفرات، هي افضل عملية تواصل مع البلد وبين ابناء الشعب.