تتوجه قلوب وانظار المسيحيين المشارقة في العراق وسوريا الى القيامة ليس كمحطة احتفالية او طقسية فحسب بل لتجديد الامل والثقة بالانتصار على الام الكنيسة المتالمة كما انتصر سيد الكنيسة بقيامته على الام الجلجثة.
أحد القيامة ليس مجرد احد من احاد السنة، او يوم من أيامها.
انه للكنيسة المتالمة انتصار متجدد على المعاناة.. انه تجديد للقوة التي منحها الرب لكنيسته وابناءها بان لا تخافوا فقد انتصرت على الموت.
كبشر نتالم ونعاني ونشعر بالاحباط، ولكننا لسنا بشرا فحسب بل بشرا مؤمنين بالرب القائم من الاموات.
من هنا فاننا نحتفي بالقيامة لنعيشها وننتصر بها على ما يحيطنا من احباطات ومصاعب.
الكنيسة المشرقية في سوريا والعراق تعيش اسبوع الام مستمر من دهور. حملت وتحمل صليبها في درب الجلجثة.
ولكن متى كانت الجلجثة المحطة الاخيرة في حياة رب الكنيسة لتكون المحطة الاخيرة في حياة ابناءها!.
ان الجلجثة هي محطة عبور من الالم الى الامل.. من الحزن الى الفرح.. من الموت الى الحياة..
القيامة هي الشمعة المنيرة التي تبدد ظلام الالم.
في الشرق حيث ظلام الشر والارهاب يكاد ينتشر في كل مكان، ما احوجنا الى نور القيامة.
وفي الشرق حيث الكنيسة مضطهدة ومتالمة، ما احوجنا ان نستلهم ونعيش عصر الكنيسة الاولى.
(وتكونون لي شهودا) هذا ما طلبه منا ربنا وسيدنا، وهذا ما اراده اباء كنائسنا المشرقية لهم ولنا.
ان نكون شهودا للمسيح يعني ان لا نهرب من التالم مع الامه ولنقوم بقيامته.
لا توجد قيامة حقيقية ما لم تسبقها الام ومعاناة حقيقية.
وهذا هو كمال مسيحيتنا المشرقية بانها لا تنتهي بالالام ولا تبتدئ بالقيامة بل انها تسير مع المسيح في الامه وموته وقيامته.
هللويا.. المسيح قام حقا قام..
وهكذا كنيسته في سوريا والعراق تقوم من تحت الغبار والحروب والتهجير والاضطهاد..
تقوم مكللة بتاج النصر..
ومثلما ان الجلجثة ليست جغرافيا محصورة باورشليم حيث صلب المسيح، بل هي في كل مكان او قرية تتالم فيها الكنيسة: في الموصل، في سهل نينوى، في حلب، في الخابور وغيرها
فان القيامة ايضا ليست محصورة بجغرافيتها بل هي فعل يتحقق في كل مؤمن وفي كل رعية وفي كل كنيسة.
هكذا احتفلنا بقيامة المسيح في مخيمات النزوح في العام السابق وهكذا سنحتفل بها في هذا العام.
ومثلما صلينا في قيامة العام السابق من اجل السلام فاننا في هذا العام ايضا نصلي الى ملك السلام الذي منح السلام بقيامته للبشر الخطاة ان يمنح ويرشد بحكمته صناع القرار لان يصنعوا قرار السلام..
نصلي من اجل النازحين والمشردين والمهجرين ان يعودوا الى بيوتهم ومدنهم..
نصلي من اجل الماسورين والمفقودين ان يعودوا بسلام الى اهلهم..
نصلي من اجل الاطفال ان يعيشوا براءة طفولتهم..
نصلي من اجل الشبيبة ان تثمر حياتهم بركات لشعوبهم واوطانهم..
نصلي من اجل الشيوخ ان يعيشوا شيخوخة مباركة..
نصلي في قيامة المسيح مع الجميع وللجميع من اجل ان ينتصر الجميع على الامه.
الارشمندريت عمانوئيل يوخنا
نوهدرا – 24.03.2016