الرئيسية > البلدان > العراق وايران وروسيا > جمعية اسيرو الخيرية تنهي تشييد مجمعا سكنيا في دهوك

جمعية اسيرو الخيرية تنهي تشييد مجمعا سكنيا في دهوك

 

نقلا عن موقع عينكاوا على الرابط

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,605013.msg5715170.html#msg5715170

 

عنكاوا كوم – دهوك – نسيم صادق

انجزت الجمعية الخيرية لكنيسة المشرق الاشورية “أسيرو ACERO” في دهوك، مجمع سكني خاص بالمسيحيين، يقع على ربوة تل ايتوتي على الجهة المقابلة لحي نزاركي الجديدة في اقصى شرق مدينة دهوك.

هذا المشروع بالطبع لا يختفي فموقعه شاخص ظاهر للعيان ومن أبعد المسافات، وتأثيره الإنساني والقومي الرفيع عميق لا يخلوا من كل تلك الدلالات.

وليس بالأمر الغريب عن طابع مدينة دهوك التاريخية إنتشار منازل المسيحيين بالقرب من بعضها في بعض الأحياء السكنية، وبتعدد أسماء وعناوين تلك الأحياء فإنها وبكل بساطة، عرفت بأحياء المسيحيين مثل ملحات، جقلا، وشيلى، ونوهدرا… كيف لا ولا تزال تلك الاحياء تتحدث عن قدم تواجد أبناء شعبنا فيها لما تحكيه أزقتها من قصص وأحداث جمعت بين ماضيها وحاضرها في صفحات كتاب واحد لابد له وأن يحمل عنوان واحد أيضا يغتزل معاني وجود أبناء شعبنا على هذه البقعة من العالم.

وتبعا للظروف الطبيعية وغير الطبيعية فإن كثير من أبناء شعبنا القدامى في دهوك، رحلوا عنها وغيرهم هاجروها وبعضهم باقي على أرضها وآخرون عادوا إليها ومنهم من حل فيها لأول مرة ووفقا لما تترجمه كل حالة من معنى يتباين عن حالة أخرى فهناك من أطلق عليهم بالنازحين الذين نزحوا من أجزاء متفرقة من العراق الى كثير من المناطق الاكثر امنا ومنها مدينة دهوك وفي ظل ضروف إقتصادية صعبة تمثلت بإرتفاع الإجارات وغلاء أسعار السوق وقلة فرص العمل وعدم معرفة لغة المنطقة تضاعفت أزمات من أطلق عليهم بالنازحين.

وقُدِم للنازحين ما قُدِم من قبل الحكومة والمنظمات والمؤسسات من خدمات ومشاريع وإمتيازات سواء في قرى محافظة دهوك ام في مركزها وقد نال من هؤلاء من قد نال ومما قدم كواقع حال، ولكن بكل تأكيد ليس لجميعهم.

لقاءات خاصة

ولمعرفة المزيد عن المجمع السكني، التقى موقع “عنكاوا كوم” بعدد من المعنيين واصحاب الشأن، ليتحدثوا لنا بأسهاب عن المشروع.

عوديشو داود عوديشو والمعروف بـ ” عوديشو كانى بلافى ” ممثل الجمعية الخيرية لكنيسة المشرق الآشورية (أسيرو ) في دهوك ومقاول المشروع، تحدث لنا عن خلفية هذا المشروع وكيفية سير خطواته والإنتهاء منه بتسليم الشقق على ابناء شعبنا بعيون أختلطت فيها دموع الفرح والحزن معاً، كاشفا عن مشاعره يوم تسليم مفاتيح الشقق للمستفيدين:

قبل كل شيئ حدثنا عن الخطوات الأولية للمشروع، متى إبتدأ ومتى إنتهى وماهي أبرز المعوقات التي أعترضت عملكم؟

إبتدأ العمل بالمشروع في شباط عام 2010 لمدة شهرين كنا منشغلين في تسير المعاملات الرسمية للمشروع من إستلام قطعة الارض التي خصصت للمشروع والإجراءات الخاصة بإستصدار السندات الخاصة بها. وكل الشكر للشماس كَيوركَيس شليمون نائب محافظ دهوك الذي منح لمشروعنا عن طريق المحافظة 5000 متر مربع، تمكنا من بناء أربعة بنايات على هذه المساحة، حيث كانت الفكرة في بادء الأمر بشراء مساحة أرض غير إني إقترحت على زملائي في أسيرو ان نقدم طلب الى السيد نائب المحافظ لطلب منحة أرض، وبالفعل قدم السيد “آندي درمو” وهو أحد أبناء شعبنا المقيمين في المهجر وسكرتير الجمعية الخيرية ( أسيرو ) وقام بزيارة الى السيد نائب محافظ دهوك الذي أبدى بكل رحابة صدر إستعداده لبذل قصارى جهده لإستحصال مساحة أرض للمشروع، ومن خلاله خصص لنا جناب المحافظ في بادء الأمر مساحة مقدارها 3000 متر مربع، وحين قمنا بوضع التصاميم وجدنا صعوبة بالغة لبناء المشروع المتالف من أربعة بنايات على المساحة المخصصة، غير ان نائب المحافظ تدخل أيضا وتم زيادة المساحة الممنوحة بـ 2000 متر مربع لتصبح المساحة الكلية المخصصة للمشروع 5000 متر مربع.

وإنتهينا في الشهر العاشر من عام 2010م في مدة قياسية، غير إن التأخير الذي حدث في تسليم الشقق للمواطنين من أبناء شعبنا جاء بسبب تأخر إيصال الخدمات الرئيسية للمشروع كالماء والكهرباء. وبعد مرور قرابة سنة ونصف لانتهاء المشروع وبإيصال الخدمات المشار إليها قمنا بتوزيع الشقق على المشمولين بها.

مما يتألف المشروع وما أبرز نواقصه؟
يتألف المشروع من أربعة بنايات، وكل بناية من أربعة طوابق، وكل طابق يتضمن شقتين، وتتراوح مساحة كل شقة بـ 107 متر مربع، وتتألف من غرفتين نوم بقياس 4م * 5م وهول إستقبال ومطبخ  وحمام يحتوي على مرافق صحية غربية بالإظافة الى مرافق صحية شرقية على حدة، وممر حمامات يتضمن تأسيس خاص للغسالة، وغرفتين نوم، وخصص لكل شقة خزان ماء سعة 1500 لتر، ناهيك عن خزان إحطياطي بسعة 30,000 لتر ماء لتزويد العائلات الآهلة للمشروع  في حالة نفاذ الماء،  كما خصصت شقتين من المشروع كعيادات طبية لتقديم الخدمات الصحية والطبية للمحتاجين من أهالي المشروع ضمن البناية رقم (4)، وشقة لإدارة مؤسسة أسيرو ضمن البناية رقم (1)، والمشروع يعاني من نقص واحد وهو عدم تعبيد الشارع الذي يصل به الى الشارع الرئيسي وإننا نحاول ومن خلال المحافظة وعن طريق الشماش كَيوركَيس شليمون نائب المحافظ بتعديل الشارع وإكسائه بالتيكلة وتزفيته وسنحاول تقديم ما يمكن لنا تقديمه من خدمات.

واود أن أشير هنا الى نقطة وهي عدم تخصيص مصاعد في البنايات، وقد جاء هذا لأجل التقليل من تكلفة المشروع من جهة ولعدم توفر التيار الكهربائي بشكل مستمر من جهة أخرى.

والبنايات كلها بنيت أساسات وتحتوي على دنك قوية وقد أشرف المهندس عدنان عمانوئيل على المشروع هو خبير في المجال الهندسي.

بكم قدرت الكلفة الإجمالية للمشروع؟

بلغت تكلفة المشروع قرابة مليون دولار منها 850000 دولار قيمة تكلفة بناء البنايات الأربعة، ومع بعض الإظافات كتنصيف الخزان الاحتياطي، وتثبيت سلم الطوارئ، وإضافة الكوانترات داخل الشقق، وغيرها من المتلزمات الضرورية لكل شقة بلغت تكلفة المشروع ما يقارب المليون دولار.

من هي الفئة المستفيدة من المشروع؟ وكيف تمكنتم من الوصول اليهم؟ وما طبيعة الإتفاق الذي أبرمتموه معهم؟

الفئة المستفيدة تتمثل بعائلات أبناء شعبنا من النازحين الى محافظة دهوك من محافظات بغداد ونينوى وكركوك وغيرها على إثر الإضطهاد والإقتتال الطائفي والمتضررين منهم بشكل أكبر لان هناك من هم نازحين لكن تتوفر لديهم الإمكانية المادية، وبالإمكان الإطلاع على أحوال تلك العائلات المستفيدة عن قرب فمن بينهم قرابة اثنتي عشرة شقة وزعت على الأرامل من بين 22 شقة تم توزيعها لحد الآن.

وقد تمكنا من الوصول الى هؤلاء المحتاجين عن طريق تحرياتنا وتقصينا لواقع تلك الاسر من خلال وسطاء، ومن خلال لجنة أعدت لهذا الغرض، وبحضور حضرة السيد نائب المحافظ كَيوركَيس شليمون قمنا بتقليصها ووضعنا في الأولويات ان يكون نازح وأن تكون حالته المعيشية ضعيفة جدا، وقد إتفقنا على أن نتقاضى من تلك الاسر مبلغ رمزي يقدر بـ (75000) دينار كبدل إيجار شهري عن كل شقة لإستيفاء رواتب المستخدمين من حرس المشروع، وكذلك لتغطية أجور الصيانة الخارجية اللازمة، وكل هذا تم بموجب عقد تم توقيعه مع المستفيد من المشروع وأقدم لكم نسخة من العقد لغرض النشر.

ما هي أبرز الصعوبات التي اعترضت سير المشروع ومن قام بإسنادكم لتخطيها؟ وهل كانت كنيسة المشرق الاشورية المحلية في دهوك متواصلة معكم خصوصا وإن جمعيتكم المنفذة للمشروع هي تابعة لكنيسة المشرق الآشورية؟

لقد واجهنا صعوبات كبيرة خصوصا حين كان العمل يتم في فصل الشتاء لوعرة المنطقة، وكثيرا ما كانت السيارات لا يمكنها الصعود وكنا ننقل المواد كالحديد والخشب بالشفر وحتى الإنتهاء من المشروع إلتمسنا تعاون الآخرين الذين جاؤوا والقوا نظرة عن قرب للمشروع وأبدو دعمهم لنا، ومن موقعكم هذا أحيي مدير بلدية دهوك في حينها الاستاذ شيروان الذي ابدى إستعداده على تقديم كافة أشكال التسهيلات والمساعدة الممكنة لاتمام المشروع، والذي لطالما كان يمتدح موقف أبناء شعبنا بتضامنهم ووحدتهم في تشكيل مشاريع خدمية للمحتاجين من أقرانهم بإسلوب يبيض الوجه، ودائما كان يحمل شكره وإمتنناه لقيامنا بهذه المهمة، وكذلك الاستاذ روئيل شقيق المرحوم الاسقف ما يوآوا الذي كان دائما مساعدا وسندا لنا، حيث كان يقوم مع رئيس المجلس البدلي بزيارات ميدانية للمشروع والوقوف عند الإحتياجات والنواقص ومحاولة تقديم المساعدة الممكنة، وحين اصطحبت نيافة الاسقف ما يوخنا أسقف كنيسة المشرق في الهند من أربيل الى دهوك وشرحت له كيف إن اسيرو هي جمعية خاصة بكنيسة المشرق الاشورية ولها مشروع سكني خاص باسم الكنيسة قام نيافته بزيارة الموقع ليلقي بنظرته.

لا شك بأن مشروعكم هذا يقع ضمن حدود مركز المحافظة أي مدينة دهوك لكن يتسائل البعض أليس هناك مشكلة في موقع المشروع تؤثر في نسبة نجاحه في ضوء بعده عن قلب المدينة لكونه يقع على اقصى الطرف الشرقي من المدينة؟

في الواقع لا توجد أية مشكلة، فنحن أينما تواجدنا على أرض آبائنا وأجدادنا سيكون أفضل من عدم تواجدنا عليه نهائياً، ونشكر الرب لهذا الإنجاز الذي يعد لأول مرة في تاريخ أمتنا، حيث لم نرى من قبل تجمع آشوري بهذا الشكل في مدينة دهوك، فعلى العكس من هذا  نرى بأن المشروع ناجح من حيث موقعه الذي يعد موقعا مهما فهو بحسب التخطيط العمراني يتوسط أربعة شوارع رئيسية تربط جهات مهمة من مدينة دهوك ببعضها، ونشكر رئاسة كنيسة المشرق المتمثلة بقداسة البطريرك دنخا ولدعمه المتواصل وقد تمكنا وبرأس مرفوع من الإنتهاء من المشروع، وهناك الكثير من المحتاجين الذين لايزالوا يتصلون بنا طلبا للشقق لكنا نعتذر منهم فهذه هي كانت خطوة أولى وقد إنتهت وقريبا سيفتتح المشروع بحضور وفود رسمية من المحافظة وجمعية أسيرو، وبالإنتهاء من هذا المشروع سنضع حجر الأساس لمشروع جديد أكبر من هذا المشروع في عنكاوا في محافظة أربيل.

حدثنا عن شعورك كفرد من أبناء شعبنا ووفي نفس الوقت كمقاول لهذا المشروع الإنساني رافقته منذ أول خطواته وحتى يومنا هذا بإنتهاءه وأنت تشاهد توزيع شققه السكنية على العائلات المحتاجة من أبناء شعبنا؟

في الحقيقة اختلطت المشاعر لدي فبكيت لأنه في يوم الذي وزعنا فيه الشقق كنا نحيا مشاعر احزن العميق على مقتل شقيقي ملكو داود وهو من مواليد 1950 وهو متزوج وله سبعة بنين فقد قتل في دمشق حيث كان يتوجه الى عيادة احد الأطباء لزرق أبرة، وفي طريقه حدثت إشتباكات وقصف أودى بحياته على خلفية الأوضاع التي تشهدها سوريا، ولم نتمكن من نقل جثمانه نظرا لقسوة الضروف ووصول حرب الشوارع الى ذروتها، لذا قمنا بدفنه في كنيسة هناك مؤقتا لحين ان تستقر الضروف ونقوم بنقل جثمانه الى ارض الوطن ولم أقم له عزاء، وبقيت في دهوك لأشهد مراسيم توزيع المفاتيح على العائلات لتختلط دموع الحزن بدموع الفرح التي أذرفتها حين رايت الناس في غاية السعادة وهم يستلمون مفاتيح الشقق، ولكن فضلت ان اشارك فرحة الاحياء من أبناء شعبي لأني أؤمن بأن شقيقي توفى والبقاء للأحياء، وتركت بيتنا في دهوك ممتلئاً بالناس القادمين لعزائنا وجئت الى المجمع لأشارك فرحة المحتاجين وهم يتسلمون مفاتيح الشقق.

ولمعرفة الجهة الممولة للمشروع والذين يقفون خلفه وعن إمكانية قيام أسيرو بمشاريع مماثلة في المستقبل القريب إلتقينا بـ ” آندي درمو ” أحد أبناء شعبنا المقيمين في لندن سكرتير الجمعية الخيرية لكنيسة المشرق الآشورية ( أسيرو ) في العالم وكان لنا معه هذا الحديث:

من أين تم الحصول على الدعم المادي لمشروع اسيرو السكني في دهوك؟

المساهمات جاءت من منظمات خيرية أجنبية مانحة منها ما تنتمي لكنائس مسيحية أخرى غير كنيسة المشرق الاشورية، ولمشروعنا ممولين من انحاء اوروبا ولنا اخوة في المانيا قاموا بجمع التبرعات للمشروع، بالإظافة الى الخيرين من أبناء شعبنا المتعاونين.

من المعلوم بأن مشروعكم في دهوك بحاجة إلى خدمات أخرى تدعم إرتباط العائلات المستفيدة بالمشروع أكثر فهل تفكرون بتوسيع المشروع ليتضمن خدمات أخرى؟ وماهي المشاريع التي انتم في صدد القيام بها خلال الوقت الراهن؟

لقد إنتهينا للتو من هذا المشروع، وفي أجندتنا ايضا القيام بمشاريع أخرى خدمة لأبناء شعبنا، ونفكر في إقامة ملتقى لابناء شعبنا لاهالي هذا المشروع ولابناء شعبنا وطلبت من هؤلاء الناس أن يشكلوا لانفسهم نادي او جمعية تعبر عنهم وتحمل تطلعاتهم لبناء مشاريع أخرى ولتوسيع إنتشار أبناء شعبنا، وعندها سيكون المهم ايضا ومن خلال جمعيتهم القيام بأنشطة إجتماعية وتثقيفية كالعناية بلغة الام والتعيم المسيحي وتنظيم دورات التقوية، ليستفاد من كل تلك الخدمات أبناء شعبنا في المجمع ومحيطه، ونأخذ بنظر الإعتبار كيفية تواصل تلك الأسر مع الكنيسة ومسألة بعدهم عنها وعن مركز الخدمات الحيوية وكل هذه الامور نفكر في إيجاد الحلول لها ضمن منهاج عملنا في دهوك، و نركز في منهج جمعيتنا في الوقت الراهن على القيام بتنفيذ مشروع سكني في عنكاوا وأكبر من مشروع اسيرو في دهوك، لأننا نرى بأن أبناء شعبنا بحاجة لبيوت تأويهم، وهذه الامور تاخذ وقتا، وستكون هناك بشرى سارة تزف لابنائنا، ونحن بحاجة لصلواتكم واسيرو هي جمعية كنيسة المشرق الاشورية هي للجميع وكل من يريد ان يدخل فيها ليقدم خدماته هو مرحب به في أي وقت فهي من أبناء شعبنا وإليهم.

من المعروف بأن مشروعكم تم التخطيط له وتنفيذه بصمت بالغ بعيد عن الاضواء والدعاية والإعلان إلى ما تعزون أسباب ذلك؟

نحن عملنا في الخفية إيمانا بأقوال المسيح له المجد، ولم نرغب ان تعرف يد بما تقوم به اليد الأخرى، كما لم نرغب بالقيام بدعاية لهذا المشروع غير إني احيي الاسقف ما افرام اثنيئيل أسقف سوريا والمشرف العام على جمعية أسيرو الذي ساندني ودفعني بكل جرءة لنخطو كاسيرو هذه الخطوة في دهوك، وأحيي الشماس كَيوركَيس شليمون نائب محافظ دهوك تحية إكرام من أعماق قلبي لكل ما قد قدمه من تعاون كبير لتنفيذ وإنجاح المشروع ولكافة أعضاء جمعية اسيرو الكثر والمتواجدين في أنحاء العالم.

 

المهندس المدني عدنان عمانوئيل إسحق يعمل كمهندس بعنوان خبير في دائرة صحة أربيل وقد قام بتصميم العديد من البنايات والطرق والجسور في دهوك وأربيل ويعمل كمتطوع مع كنيسة المشرق في تصميم والإشراف على بناء المشاريع الكنسية كالكنائس والقاعات في القرى ومدينة دهوك وفي عنكاوا منذ عام 1991 ولحد يومنا هذا وكان لنا معه هذه الوقفة بصفته المهندس المصمم والمشرف على تنفيذ مشروع أسيرو السكني الخيري:

هل لك ان تحدثنا عن هذا المشروع من الناحية الهندسية؟

قبل كل شيئ خضعت الارض لمسح جيولوجي متكامل للمنطقة وفي ضوء المسح تقرر تخصيص أماكن الطرق والأبنية والباركات بحيث تكون متباعدة عن بعدها بحيث تستغل المسافات التي تفصلها لبناء الباركات وقياسا بقوة التربة تم وضع التصاميم على الارض التي تعتبر جبيلة وإستناداً إلى خبرتنا في التربة والطرق ووفق نظام حسابي تم حفر 4 امتار عمق لتسوية التربة، ومن ثم تم الحفر بمقدار 2.5 م لغرض تعميق الاساسات وبهيئة جسور مترابطة تم صبها وهي مهيئة لتحمل الهزات الأرضية، وتم إنشاء الدنك وتسليحها والرباطات بين كل طابق، والبنايات مأمنة من حيث السلامة بشكل جيد جداً وكمهندس مشرف كنت متواجد بمعدل اربعة أيام في الاسبوع الواحد للاشراف المباشر على العمل واطمئن بأن مراحل العمل قد خضعت للإختبارت وتم التاكد من سلامة كل مرحلة وتنفيذها وفقا لأصول العمل.

وسط امتلاء السوق بالمواد مختلفة المنشاة، وتنوعها من حيث الجودة، وتباينها من حيث الاسعار، ماهي المواد التي عمدتم على استخدامها في تنفيذ المشروع؟

في الواقع قمنا بإستخدام مواد من السوق المحلية منها الأردني والتركي والصيني من الدرجة الجيدة وكل هذا تم بحسب الكشوفات، ومع هذا ومراعاةً للجودة وللخروج بنتائج أفضل فقد قمنا بصرف بمستويات أعلى من مبالغ الكشوفات وعلى حساب أرباحنا الشخصية، وذلك بدعم المشروع ببعض الفقرات الإظافية مثل المغاسل والمرايات والشورات والى غير ذلك.

كمهندس وناشط في مجال العمل الإنساني كيف تنظرون الى مسألة إستثمار الأموال وتوظيف الجهود في بناء مجمعات سكنية لابناء شعبنا في المدن من بنائها في القرى؟

من واقع عملي في المجال الإنساني في منظمة كابني الخيرية التي اعتبر أحد مؤسسيها ومعرفتي بإحتياجات النازحين برايي الشخصي لو أجري إستفتاء على اهالينا في القرى لوجدنا ان اغلبهم نزحوا من مدن كانوا يزاولون فيها مهن خاصة ووظائف معينة ويصعب عليهم التعود على العيش في القرى، لذا ترى قد هاجر القرى الكثير من هؤلاء النازحين وتوجهوا الى مدينة دهوك لمزاولة مهنهم او للبحث عن فرص عمل التي لا تؤمنها لهم القرية بالشكل المطلوب، واشجع ان تستثمر الاموال في بناء مشاريع كهذه في المدن أكثر من القرى مع مراعاة تواجدنا أيضا في القرى شرط أن تأمن فرص عمل ونقل من وإلى المدينة… ولايوجد ما هو مستحيل ولا ضير من إعادة الكرة وبناء مشاريع سكنية أخرى مماثلة في المدينة فمشروع أسيرو السكني ناجح وانتهى بفترة قياسية وانا اؤيد أن تنتشر وتبنى مجمعات سكنية لابناء شعبنا في أجزاء مختلفة من مناطق تواجدنا التاريخية على هذه الأرض من تمركزهم في منطقة على حساب الاخرى.

آراء المواطنين…

وللوقوف عند راي المواطنين من أبناء شعبنا والمستفيدين من هذا المشروع إلتقينا بـ ” اوكَن فرنسو عوديشو ” ألذي منح شقة من شقق المشروع السكني الذي تحدث لموقعنا عن الصعوبات التي عانوا منها قبل وبعد نزوحهم الى دهوك وكيف إن جمعية أسيرو رسمت البسمة على شفاههم ومنحت لهم الامل بالبقاء في وطنهم :

حدثنا أين كنتم في البداية تعيشون والى أين إنتقلتم بعدها ولماذا؟ وكيف لكم أن تصفوا شمولكم بشقة سكنية ضمن المجمع السكني الخيري اسيرو في دهوك؟

نزحت من بغداد على إثر الإرهاب والإضطهاد الذي مورس ضدنا خصوصا في منطقة الدورة والميكانيك، وعلى اثر محاولة إختطاف نجاني منها الرب، قررنا النزوح الى دهوك عام 2006  وإنتقلنا مباشرة من بغداد وسكنا في زاخو لأن الأوضاع كانت قد تازمت بشكل لا يطاق وأقل ما يمكن وصفه حالنا كمسيحيين في هذا البلد بأننا الوقود في كل الثورات.

سكنا في زاخو في بيت أحد الأقارب الذين تحولوا منهم وتالف من طابق واحد وهو قديم جدا لا يصلح للسكن حيث لا تتوفر فيه الشروط الصحية ومسقف بشلمانات خشبية ومبني من الطين وهو آيل للسقوط وتتسرب منه مياه الأمطار في الشتاء بكثرة. وأسرتنا تتألف من خمسة افراد انا ووالدتي واختي وواخي… والدتي ارملة تعاني من الذبحة والضغط وفقدان النظر واختي من تهتم بشؤونها وشؤون المنزل وانا واخي نعمل اعمال متواضعة لذا كانت أوضاعنا صعبة جدا لحين جاء الفرج وشملنا بشقة في الطابق الأرضي من إحدى بنايات المشروع.

 

انتم كنازحين لما تحملتم كل قسوة هذه الضروف لطيلة هذه المدة ألم يشملكم برنامج إعمار القرى الذي أمتاز بناء مساكن وكنائس وقاعات في قرى أبناء شعبنا من قبل في ضوء الاموال الضخمة التي رصدت لهذه المشاريع؟

لكوني مسيحي من أبناء منطقة نيروة ريكان إسوة بباقي أبناء هذه المنطقة لم يكن هناك من يمسك بيدنا، ويهيئ لنا الطريق للاستفادة من مشروع إعمار القرى، والاستفادة من هذا المشروع تمت بطريقة الإنتفاع منه وبإجتهادات شخصية وليس على إثر تخطيط جيد، لذا أرى من أستفادوا منه هم فئة محددة من أبناء شعبنا ولم يستفد الكثير من هذه المشاريع، ولم نمنح اية حصة من الاموال سابقا ولن نمنح، والذي مثلنا عانى ما عاناه من وضع الإيجار والحياة الصعبة ناهيك عن الصعوبات التي عانينا منها على إثر التحول من مجتمع وثقافة معينة الى مجتمع وثقافة أخرى، خصوصا وإننا لم نكن نعرف التكلم باللغة الكوردية سابقا، والعمل الذي كنا نعمله هناك صعب علينا مزاولته هنا. ومشروع أسيرو جاء منذ البداية برؤية جيدة لأوضاع النازحين، وركز على القيام بمشروع في مركز المدينة ليكون من السهل الوصول الى الدوائر الحيوية وقريب من المستشفيات والمدارس والجامعة ومركز توفر فرص العمل ليس مثل المشاريع التي تمركزت في القرى فحين هطول المطار والثلوج انقطعت الطرق وتأزمت المعاناة ببعدها عن مراكز العلاج الصحي والمدراس العصرية والذين في اغلب الاحيان يجبرون على ترك تلك البيوت لتاجير بيوت في وسط المدينة او هجرة الوطن.

حسنا كأحد المستفيدين من مشروع الجمعية الخيرية لكنيسة المشرق الاشورية ” اسيرو ” في دهوك كيف تنظر إليه وماذا تود قوله؟

في الحقيقة كان عمل جمعية أيسرو جلياً وقد ألتمسناه فعليا على الأرض لاننا سمعنا الكثير من الخطابات وسأمنا من كل تلك الوعود التي جميعها أضحت مجرد أقوال ذهبت مع الريح.

في حين هذا العمل هو ثمين ويرفع الرأس للجميع العاملين فيه، ونشكر منظمة اسيرو وكنيسة المشرق برئاسة قداسة البطريرك مار دنخا على هذا المشروع الذي تستفاد منه الكثير من العائلات المحتاجة ونشكر السيد نائب محافظ دهوك كَيوركَيس شليمون لكل ما قدمه في إنجاح المشروع الذي رسم البسمة على شفاهنا وعزز من آمالنا في البقاء على ارض الوطن.

ونشكر الرب لأننا حضينا بشقة وبعقد بإسم والدتي كَهاري شاهين بيتو، ونأمل ان تركز الجهود لبناء مشاريع كهذه التي لا ارى بأن تحقيقها هو بالامر المستحيل بوجود محبة وتكاتف بين أبناء شعبنا ومحاولة المسؤولين على ترجمة أقوالهم إلى أفعال.