ترأس قداسة البطريرك (مار دنخا الرابع) بطريرك كنيسة المشرق الآشورية في العالم صلاة باعوث نينوى “صوم نينوى” لمدة ثلاثة أيام متتالية بمشاركة الآباء الكهنة والشمامسة وجمع غفير من أبناء كنيستنا وشعبنا الآشوري وذلك في كاتدرائيـــــــــــة (مار كوركيس الشهيد). بدأت الصلاة الطقسية للباعوث يوم الإثنين المصادف 14 من شباط في الساعة الثانية بعد الظهر حتى الساعة الخامسة عصراً وفي ختامها ترأس الأب “وليم توما” كاهن رعية “مار سركيس” في شيكاغو القداس الإلهي لليوم الأول من الباعوث.
وفي يوم الثلاثاء 15 من شباط بدأت الصلاة الطقسية لليوم الثاني من الباعوث تمام الساعة الثانية ظهراً وبعد إختتامها ترأس الأب “أنطوان لاجين” السكرتير الشخصي لقداسة البطريرك وكاهن رعية “مار يوحنا البشير” في شيكاغو. أما اليوم الثالث من الباعوث والمصادف الأربعاء 16 من شباط، إبتدأت الصلاة الطقسية في تمام الساعة الثانية من بعد الظهر وبعد اختتامها ترأس قداســـــــة البطريــــــــرك “مار دنخا الرابع” القداس الإلهي، وكانت موعظة قداسته من إنجيل “البشير متى” الإصحاح 6: 1-19 قال فيها: يرشدنا “مار متى” في كرازته اليوم إلى ثلاث نقاط هي: 1. عن مساعدة المحتاجين “فعل الخير”. 2. عن الصلاة. 3. عن الصوم. عن فعل الخير: يقول يسوع المسيح لتلاميذه حينما تقومون بعمل الخير للمحتاجين لا تعملون ذلك لتعلنوا للناس بأنكم رحماء وطيبين وبأنكم تساعدون المحتاجين، إذا كان هدفكم هو الإفتخار لكي يمجدكم الناس ويحترمونكم فلا تنتظروا ان يكون لكم أجراً وحقاً من لدن أباكم في السماء، أجر الخير الذي تفعلونه من أجل الإحترام والتكبر والإفتخار لأنفسكم، لأنكم تنتظرون من الناس أن يصفقوا لكم ويشكرونكم لهذا من الناس ستتقبلون أجر فعل الخير لا تنتظروا معونة الرب (أَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ،لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً). عن الصلاة: يقول يسوع المسيح (فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَوِّتْ قُدَّامَكَ بِالْبُوقِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُرَاؤُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي الأَزِقَّةِ، لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ النَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ)، يكتب (مار عوديشو) مطران نصيبين في كتاب (الجوهرة – ܡܪܓܢܝܬܐ): “الصلاة هي مفتاحاً لكنوز الله، وهي مناجاة روحية”، عندما نصلي نتحدث مع الله وعندما نقرأ في الكتب المقدسة الله يتحدث معنا: يعلمنا أن نصوم ونصلي ونكون رحماء أحدنا للآخر: الدخول إلى الغرفة وإغلاق الباب للصلاة معناه عندما نصلي علينا أن نصلي بإيمان. حينما نصلي علينا ان نغلق أبواب قلبنا وفكرنا على أن لا يكون حضورنا في الكنيسة والتي هي بيت الله بالجسد فحسب إنما نركز في الصلاة روحياً فقط ونؤمن حينما نصلي وأينما صلينا الله موجود هناك لسماع صلواتنا ولقبول دعواتنا ولغفران خطايانا إذا طلبنا منه بروح متواضعة وبايمان سيُهطل علينا بنعماته وبركاته الإلهية كأبٍ رحيم على أبنائه. كمسيحيين حقيقيين حينما نصلي يجب أن نكون يقضين: لا ندع أبواب قلوبنا وأفكارنا مفتوحة كي لا يدخل الشرير السارق ويسرقنا: يجعلنا أن لا نفكر بأننا مع الله نتكلم: أفكارنا ومخيلاتنا يلوي طريقها ويبعدها عن الله: ويجعلنا نفكر بالتعليم الأعوج والمظلم. أولئك الذين يتحججون بطول مدة الصلاة الطقسية والقداس الإلهي: يجب أن يكونوا يقضين من الروح الشريرة للشيطان السارق كي لا يخدعهم ويبعدهم من محبة الله: لآننا إذا آمنا بالله سنحبه ونحترمه وسنكون مطيعين لكلامه، لن نَمُل ولن نتعب من سماعه، بل ستغمرنا الفرحة. قرأنا لكم من إنجيل اليوم حيث يقول يسوع المسيح: “لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَّلاَتِكُمْ”. هذه الصلاة علمها سيدنا يسوع المسيح لتلاميذه، لأنه أراد بقليلٍ من الكلام يعلمهم صلاة مليئةً بالمعاني: وأن يبعدهم عن الكراهية والحقد ويأتي بهم إلى المحبة والغفران ليُميل أفكارهم لعمل الخير. وأما عن الصوم فيكتب البشير في إنجيل اليوم: “وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً”. يمكن تقسيم الصوم إلى قسمين: الخارجي وهو الانقطاع عن الطعام، والباطني الانقطاع عن الشرور. لقد أُعطي الصوم إلى الإنسان الكامل “بالروح والجسد”: ليس للجسد من دون الروح: ولا للروح من غير الجسد، لأنه إذا كان الجسد والروح منفصلين لا يمكنهم الصيام: الصوم هو تأديب الجسد الخاطئ، الكامل “بالجسد والروح”. يكون الصوم كاملاً حين يكون بالجسد والروح. حينما يصوم الجسد من المأكل على الروح أن تصوم من الشهوات الشريرة، وكما يكون الجسد مذنباً عندما يكسر صومه هكذا تكون الروح مذنبةً حينما تكسر الأوامر المسنة عليها بالصيام من شر شهوات الخطيئة. تأمر الكنيسة في كتاب الصلاة السنوي (خودرا – ܚܘܕܪܐ) الخميس الرابع من سابوع الصوم (ܚܡܫܒܫܒܐ ܕ ܕܨܘܡܐ): “ܠܦܓ݂ܪܐ ܘܠܢܦܫܐ ܙܕܩ ܕܢܨܘܡܘܢ ܬܪܝܗܘܢ ܫܘܝܐܝܬ. ܕܡܐ ܕܨܡ ܦܓ݂ܪܐ ܡ݂ܢ ܠܚܡܐ. ܬܨܘܡ ܢܦܫܐ ܡ݂ܢ ܒܝ݂ܫܬܵܐ. ܣܪܝ݂ܩ ܗ̄ܘ݂ ܨܘܡܐ ܕܡ݂ܢ ܠܚܡܐ. ܐܢ ܢܦܫܐ ܠܐ ܡܬ݂ܟܠܝܐ. ܡ݂ܢ ܗܪܓܐ ܣܢܝܐ ܕܒܝ݂ܫܬܵܐ – على الجسد والروح حق الصيام معاً: حين يصوم الجسد من الخبز تصوم الروح من الشر: واهيٌ الصوم الذي من الخبز إن لم تصم الروح من أفكار الخطيئة المكروهة”. إن صوم باعوث نينوى الذي نصومه هو صومٌ لأجدادنا أبناء نينوى الذي صاموه (862) سنة قبل المسيح. كما هو معلوم وباختصار إن السبب الأول لصيامنا لباعوث أبناء نينوى التي حدثت أيام تبشير (يونان النبي)، في ذلك الزمن أجدادنا أبناء نينوى كانوا يؤمنون بإله حي واحد، لهذا آمنوا إن يونان هو نبي مرسل من الله ليعلمهم أن الله غاضب عليهم بسبب أعمالهم الغير الجيدة والغير نقية. مدينتهم ستدمر خلال أربعين يوماً إن لم يتوبوا، لذا صام أبناء نينوى وصلوا وتابوا. أبناء نينوى بإيمانٍ وصومٍ وصلاةٍ تابوا توبةً حقيقة وبدلوا غضب الله إلى رحمات ونِعم، غفر لهم، ولم يدمر مدينتهم، وحفظهم سالمين. أما السبب الثاني الذي من أجله نصوم هذا الصوم والموجود طقسياً في كنيستنا إنه في بلاد الشرق إنتشر وباءً معدياً ومميتاً، يُدعى”الكوليرا” الذي حدث في أحد أزمنة الأمبراطورية الفارسية في بلادنا (بلد النهرين) في أيام المطران (سبريشوع) مطران (كرخا دسلوخ – ܟܪܟ݂ܐ ܕܣܠܘܟ݂ – كركوك اليوم) بسبب خطايا الناس في ذلك الزمن، توفي كثير من الناس في (بيث كرمي وآثور ونينوى): وحينما كان يصلي المطران (مار سبريشوع) من أجل أن يقطع الرب غضب هذا المرض من أبناء رعيته، سمع صوت ملاك الرب قائلاً: “صوموا صوماً، وادعوا الرب فيوقف عنكم الموت” وفي تلك اللحظة أمر المطران (مار سبريشوع) أن يجتمع شعب الله في بيت الله “الكنيسة” فصاموا وصلوا إلى الله وكان هذا يوم الإثنين: سمع الله لصلواتهم وقبل دعواتهم فوقف عنهم الموت، ومنذ ذلك اليوم أُدرجت في طقس الصلاة والصوم في كنيسة المشرق الآشورية. وكذلك نحن اليوم محتاجين لنعمات ورحمات الله أبانا في السماء: ليشفق على أبناء كنيستنا وأبناء أمتنا الآشورية المشردين والمبعدين من بلدهم وبيت أجدادهم “بين النهرين”. نسأله أن يحفظهم ويباركهم ويهديهم إلى طريق نور سيدنا يسوع المسيح: مسؤولين ورؤساء الكنيسة والأمة الآشورية: ونخص بدعائنا هذا كل أحزابنا السياسية ومؤسساتنا القومية وأبناء أمتنا الآشورية بالرغم من إن لنا ثلاثة أسماء إلا إننا لسنا ثلاث وإنما أمة واحدة: فإن كان هناك مسرة هي لنا جميعاً وإن كان لنا حزناً فهو لنا جميعاً. وكمسيحيين أيضاً نحن إخوة أبناء أم روحانية واحدة ألا وهي المعمودية المقدسة، نحن أبناء الكنيسة الكلدانية السريانية والآثورية كلنا أبناء كنيسة واحدة بالمسيح وأمة واحدة. كلنا أمل بأن هذا الإتحاد الذي بدأ سيكون مزيجاً لرئاسة واحدة لأمتنا. بهذه الموعظــــــــــة إختتم قداستـــــــه اليوم الثالث من باعوث نينــــــوى، أما يوم الخميس والمعروف بيوم (تقديم الشكر – ܩܘܒܠܜܝܒܘܬܐ) أُقيم قداساً في كاتدرائية (مار كوركيس الشهيد) ترأسه الأب (بولس بنيامين) كاهن رعية (مار كوركيس). |
||||
|
الرئيسية > البلدان > شرق الولايات المتحدة الأمريكية > قداسة البطريرك مار دنخا الرابع يشارك أبناء كنيسة المشرق الآشورية صلاة الباعوث لمدة ثلاثة أيام