الرئيسية > البلدان > شرق الولايات المتحدة الأمريكية > رسالة قداسة البطريرك مار دنخا الرابع الى أمين العام للامم المتحدة، بان كي مون

رسالة قداسة البطريرك مار دنخا الرابع الى أمين العام للامم المتحدة، بان كي مون

رسالة قداسة البطريرك مار دنخا الرابع، بطريرك كنيسة المشرق الاشورية في العالم، الى أمين العام للامم المتحدة، بان كي مون

 

معالي بان كي مون

الأمين العام للأمم المتّحدة – نيويورك           6 آب 2014

 

إنّ الأوضاع الخطيرة التي يعاني منها المسيحيّون في العراق تدفعني للكتابة لمعاليكم، كأمين عام للأمم المتّحدة، لأضمّ صوتي إلى كافة بطاركة ورؤساء الكنائس المسيحيّة في العراق وفي بلدان الشّرق الأوسط عامة للتعبير عن قلقنا الشّديد مما يحدق بشعبنا من مخاطر، آملين أن يلقى صوتنا آذاناً صاغية لدى منظمتكم.

 

لقد أصبحت هذه الأوضاع الخطيرة معروفة لمعاليكم ولكافة الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة، ولكن دعني في البداية أن أشكر معاليكم على الرّسالة الصّادرة عن مكتبكم بتاريخ 20 تمّوز 2014، والرّسالة اللاحقة الصّادرة عن رئاسة مجلس الأمن الدّولي بتاريخ 21 تمّوز 2014 لإدانتهما الشّديدة لاضطهاد المسيحيين من قبل المجموعة الإرهابية المتطرّفة (داعش) المعروفة بالدّولة الإسلاميّة. إن ما سببته هذه المجموعات الخارجة عن القانون من دمار وخراب بحق المسيحيين وبقيّة الأقليّات الدّينيّة الأخرى لاحقاً، أضحى موثّقاً ومعلوماً لدى دول العالم كافّة.

 

لقد عرّضت هذه الأوضاع الخطيرة آلاف النساء والأطفال والشيوخ من المسيحيين العراقيين من آشوريين وكلدان وسريان وأرمن للتهجير القسري والتّشرّد من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى أخرى سعياً للنجاة بأنفسهم. إنّ المعلومات التي تردنا من مطارنتنا في العراق تؤكد أنّ الأوضاع تزداد سوءاً في جو من الخوف والاضطراب واليأس من المستقبل. إنّ المسيحيّة متواجدة في مدينة الموصل التّاريخيّة والمعروفة سابقاً بنينوى عاصمة الامبراطوريّة الآشوريّة منذ عهد رسل المسيحيّة الأوائل في النّصف الأوّل من القرن الأوّل الميلادي، ولكن اليوم لم يبق فيها مسيحيّ واحد، إضافة إلى تدمير الكنائس والأضرحة التّاريخيّة أمام مرأى دول العالم المتحضّر وكافّة دول العالم، وما هذا الزّيف بحقّ المسيحيّة والمؤمنين المسيحيين فحسب، بل بحقّ التّراث الحضاري المسيحيّ الذي ظلّت مدينة الموصل ( نينوى ) شاهداً حيّاً عليه حتى وقتنا الحاضر.

 

صاحب المعالي

إنّ الأمم المتّحدة كهيئة دولية تعلم علم اليقين بالجرائم اللانسانيّة التي ترتكبها هذه المجموعة المتطرّفة المعروفة بداعش ضد مسيحيي العراق وبعض الأقلّيات الأخرى كاليزيديين والشبك إضافة إلى الكرد والشّيعة والسنّة المعترضين عليهم من مواطني العراق، ولا يستطيع العالم، وخاصّة الأمم المتّحدة، الوقوف موقف المتفرّج من قضيّتنا والسماح بإبادة شعبنا في العراق، ورغم تقديرنا لبيانات الاستنكار من قبل الأمم المتحدة ومعظم دول الغرب، فإنها لن توقف جرائم الاضطهاد والإبادة ذات الطابع الدّيني.

 

لذلك وبالنيابة عن آلاف المسيحيين من أطفال ونساء وشيوخ من المهجرين قسراً من بيوتهم، والضحايا الذين بذلوا أرواحهم ودماءهم ثمناً لإيمانهم، أناشد الأمم المتّحدة اتّخاذ الإجراءات الفعّالة في جلسة بكامل أعضاء الأمم المتّحدة ضد مرتكبي هذه الجرائم بحقّ الانسانيّة، كما أناشد مجلس الأمن الدّولي إصدار القرار لحماية المسيحيين المضطهدين الذين يتعرّضون لإبادة أخرى في العصر الحديث، حيث يتوقف على قرارات الأمم المتّحدة الأخلاقيّة مصير هؤلاء المضطهدين لحمايتهم وحماية حريّة العبادة لكلّ النّاس.

صاحب المعالي!

نظراً للأحداث المتسارعة، فإنّ على الأمم المتّحدة التّحرّك سريعاً لوقف هذه الأعمال الدمويّة الرهيبة ضد مسيحيي العراق، وإذا لم تُتّخذ هذه الإجراءات الفعّالة، فيمكنني القول انّ الأمم المتّحدة ودولها قد أخفقت في تطبيق ميثاقها بالحفاظ على أرواح النّاس وحماية السّلام العالمي، وهذا بحدّ ذاته يُعدّ انتهاكاً خطيراً لحقوق الانسان لا مبرّر له إطلاقاً نتمنّى ونصلّي ألّا يحدث أبداً. إنّني أعرض استعداد كنيستي للبحث مع معاليكم والمساعدة في ايجاد الحلول لهذه الأزمة. سأذكر معاليكم في صلواتي وأنتم تنجزون مهامكم السّامية في قيادة الأمم المتّحدة ، وندعو الله أن ينشر السّلام في العالم وبين شعوب الأرض كافّة.

 

 

مار دنخا الرّابع

بطريرك كنيسة المشرق الآشوريّة في العالم

Download (PDF, 998KB)