الرئيسية > البلدان > العراق وايران وروسيا > النص الكامل لكلمة قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث صليوا في مراسم تنصيبه بطريركاً على كرسي ساليق قطيسفون

النص الكامل لكلمة قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث صليوا في مراسم تنصيبه بطريركاً على كرسي ساليق قطيسفون

النص الكامل لكلمة قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث صليوا في مراسم تنصيبه بطريركاً على كرسي ساليق قطيسفون

 

 

“أَنَا أَشْكُرُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنَا الَّذِي قَوَّانِي، أَنَّهُ حَسِبَنِي أَمِينًا، إِذْ جَعَلَنِي لِلْخِدْمَةِ” (1 تيموثاوس 1: 12)

معالي الوزير حسين الشهرستاني ممثل الحكومة العراقية الاتحادية الجزيل الاحترام
دولة الاستاذ نجيرفان بارزاني الجزيل الاحترام رئيس حكومة اقليم كوردستان العراق

صاحب القداسة مار اغناطيوس افرام الثاني بطريرك الكنيسة السريانية الارثوذكسية الشقيقة
صاحب الغبطة مار لويس روفائيل الاول ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية الشقيقة
اصحاب الغبطة والنيافة المطارنة والاساقفة الاجلاء ممثلي بطاركة الكنائس الشقيقة

اصحاب المعالي والسعادة الوزراء والنواب وممثلي السلك الدبلوماسي

احبتي واخوتي الاكليروس والمؤمنين

تحية في الرب وسلام معه وفيه اليكم جميعا، واتوجه اليه في هذا اليوم المبارك بالشكر والامتنان على تجديد نعمته مع كنيسته المقدسة وشخصي الضعيف باختياره وتاهيله لي لنيل الدرجة البطريركية خادما امينا ومؤتمنا على الايمان الرسولي لكنيسة المشرق الرسولية الاشورية الجامعة والمقدسة، وخلفا لابائي في الايمان ممن تعاقبوا على خدمة كرسي ساليق طيسفون.
اتوجه بالصلاة على روح ابينا الراحل المثلث الرحمات مار دنخا الرابع الذي كان للكنيسة واكليروسها ومؤمنيها اجمعين ابا ومرشدا وكان لي بوجه خاص ابا واخا ومعلما.
اشكر الرب من اجل اخوتي المطارنة والاساقفة اعضاء المجمع السنهاديقي المقدس الذين وبهداية الروح القدس اختاروني لاتقدمهم في الخدمة، وادعوهم للصلاة من اجلي لنتحمل بروح الاخوة والشراكة والمحبة المسؤولية التي لا يمكن تحملها دون نعمة الرب وبركاته التي ليس لنا نيلها الا بالصلاة والشكر كما يرشدنا بولس الرسول حين دعانا لنكون: “شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِي أَهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ” (كولوسي 1: 12)

الكرسي البطريركي لكنيسة المشرق وبعد عقود من النفي القسري يعود اليوم مجددا الى حيث يجب ان يكون في المشرق، يعود تحديدا الى اربيل عاصمة اقليم كوردستان العراق، هذه المدينة التاريخية المباركة التي كانت في فترة تاريخية مقرا للكرسي البطريركي المشرقي. انها عودة تختلف وتخالف ما هو قائم اليوم من تهجير وهجرة في قوارب الموت ورحلات البراري والطرق نحو الغربة والاغتراب.
انها عودة تتجاوز حدود الانتقال المكاني او الجغرافي فحسب.. انها رسالة تقول الكنيسة من خلالها انها باقية ومتجذرة في ارضها حيث سار الرسل الاوائل مار توما ومار ادي ومار ماري، وحيث تربى ووهب ملافنتها الكبار مار افرام ومار نرساي ومار كيوركيس الاربيلي، وحيث استشهد شهداءها مار شمعون برصباعي ومار قرداغ ومار يعقوب المقطع، وحيث عاش ودبر اساقفتها الاوائل وبطاركتها العظام مار بقيذا الاربيلي ومار اوا ومار طيماثاوس الكبير رائد الحوار المسيحي الاسلامي، وحيث انا اليوم ومن سيخلفني غدا..

ان حماية هذا الوجود وتجذره واستمراريته ليس مسؤولية الكنيسة فحسب، بل هو مسؤولية وطنية ودولية ايضا، مثلما خسارة هذا الوجود ليس خسارة كنسية ومسيحية فحسب بل خسارة وطنية وانسانية ايضا.
قبل عام تعرض شعبنا واخوتنا الايزيدية والكثير من الاخوة المسلمين الى حملة ارهابية اقتلعت الكثيرين من جذورهم، ودمرت ممتلكاتهم ومعابدهم واثارهم وتبددت كل جهودهم في العيش حياة حرة كريمة لائقة بالانسان.
لقد كانت ضربة مؤلمة لنا كعراقيين ومسيحيين، وزرعت شروخا كثيرة وعميقة، نحن بحاجة الى العمل الجماعي وبيد واحدة لمعالجتها واعادة الامل الى النفوس واعادة الثقة بالمستقبل.
نشكر رئيس اقليم كوردستان فخامة الرئيس مسعود بارزاني وحكومة وشعب اقليم كوردستان العراق الذي ورغم محدودية مصادره وموارده فانه قدم الرعاية الكريمة وبقدر المستطاع  لاكثر من مليون ونصف نازح ولاجئ وندعو المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية الى دعم الاقليم في توفير مستلزمات المعيشة لهم خاصة من سكن ورعاية صحية ومدارس وغيرها مثلما ندعو الحكومة المركزية وحكومة الاقليم الى المزيد من الدعم لتسهيل معيشة النازحين وتطبيع اوضاعهم.

ليس الارهاب وحده ما يدفع المكونات الصغيرة والاصيلة الى الهجرة من بلدان الشرق بل التشريعات والممارسات والتهميش وانسداد الافق ايضا.
ان توحيد الجهود السياسية والعسكرية لمحاربة الارهاب بكل مسمياته هو امر وضرورة واجبة، ولكنها تبقى محدودة او انية التاثير ما لم تترافق مع مراجعة شاملة لجذور الارهاب وبخاصة في الخطاب الديني والتعليمي والاعلامي والتشريعي القائم على الغاء الاخر او الانتقاص منه.
نترحم على الشهداء الذين سقطوا من الجيش العراقي والبيشمركة وجميع المقاتلين في تصديهم للتنظيمات الارهابية. وندعو الى تقديم الدعم العسكري والمادي والسياسي والمعنوي لهم من كل ابناء العراق والمجتمع الدولي لتحقيق المزيد وبخاصة لتحرير سهل نينوى وسنجار وتمكين ابناءنا واخوتنا المسيحيين والايزيدية وكل النازحين والمهجرين للعودة الكريمة الى اراضيهم ومدنهم وقراهم.

اننا ندعو الحكومات ومرجعياتها ومؤسساتها التنفيذية الى اجراء مراجعة مسؤولة وشاملة تعالج مواضع الخلل القائمة في التشريعات والمناهج التعليمية والاداء الاعلامي وغيرها بما يحقق دولة المواطنة التي لا تفرق بين ابناءها على اساس الدين والطائفة والقومية واللغة.
المسيحية المشرقية غنى للمشرق وشعوبه.. ودورها الحضاري مشهود له عبر الفي سنة من هذا الوجود.
من حق المسيحية المشرقية على الحكومات والمؤسسات الوطنية ان تلقى ما يليق بها من احترام وتقدير ينعكس ليس في التشريعات فحسب بل وفي مناهج التربية والتعليم وكتب التاريخ، مثلما في صيانة وحماية الاديرة والمواقع الاثرية والدينية المسيحية.
اننا ندعو الحكومات الوطنية المشرقية الى التعامل مع المسيحية كارث ووجود حضاري ووطني اصيل واعتماده والتعبير عنه كجزء ومكون من الهوية الوطنية الجامعة.
ومن واجب الدولة ومؤسساتها ومرجعياتها من دستور وتشريعات ان تعكس وتلتزم هذا الوجود وحمايته وديمومته على مبادئ الكرامة والعدالة والمساواة دون تمييز وتمايز على اساس الهوية الدينية او القومية.
مسيحيتنا كما اشوريتنا ليسا طارئين او حديثين في المشرق عموما وعراق بيت نهرين خصوصا.
شعبنا وأبناء كنيستنا، هم ورثة حضارة بيت نهرين واستمرارية لها.
اننا كمسيحيين نعيش في وطن ننتمي اليه وينتمي الينا، مثلما يعيش وينتمي اليه اخوتنا في الانسانية والمواطنة والتاريخ والمستقبل بمختلف انتماءاتهم القومية من العرب والكورد والتركمان او الدينية من مسلمين وصابئة وايزيدية.
ومن هنا فاننا ندعو الى شراكة حقيقية بين الجميع ومع الجميع ومن اجل الجميع.
اننا نتطلع للمشاركة في إدارة وبناء هذه الأرض وتقدم هذا الشعب.
ونحن لا نعلن سرا بالقول ان تحويل بلداننا الى بلدان تسير بموجب قوانين تشرعن التمييز الديني قد يكون من اكبر العوائق التي تحد من تقدمه، وتحد من حريات الانسان فيه، ونحن نعيش في عصر يكاد يكون احترام حريات الانسان فيه، مقياسا لريادة الأمم وتقدمها، ومكانتها بين الدول.
ومن منطلق الشراكة فاننا ندعم جهود مؤسساتنا السياسية في المشاركة في القرار الوطني على مستوى العراق وإقليم كوردستان وأي بلد اخر في المنطقة يعيش فيه شعبنا. ان مشاركتنا في القرار هو تعبير حقيقي لوطنيتنا التي نفتخر بها. وسنعمل بجد لوحدة قرار مؤسساتنا وعملها المشترك. اننا كاشوريين او كلدان او سريان، شعب واحد تاريخا وثقافة وحاضرا وطموحا، وان تعددت تسمياته، فهي كلها لنا ومن تاريخنا ونحن بها فخورون.

اخوتي بطاركة واباء الكنائس المشرقية واكليروس وممثلي الكنائس المسيحية

اذ اتوجه اليكم باسم كنيسة المشرق الاشورية بالشكر على مشاركتكم ايانا هذا اليوم المبارك فاننا ومع بداية خدمتنا البطريركية نتوجه وبوحي والتزام انجيلي صادق وعلى خطى سلفنا البطريرك الراحل مار دنخا الرابع بالدعوة للعمل المثابر والجاد من اجل وحدة كنيسة الرب.
ان كنيسة المشرق الاشورية تؤمن ان التنوع هو هبة ربانية وهبها رب الكنيسة لكنيسته ليغنيها، وانه نتاج طبيعي لالفي عام من ايمان متجدد وكنيسة حية تعيش وتتفاعل مع ابناءها في حياتهم اليومية الفردية والجمعية.. فالكنيسة لم ولن تكون يوما متحفا او قالبا جامدا من العقائد والتشريعات والطقوس، بل هي تفاعل دائم وتعبير متجدد وخبرات تتراكم.. الكنيسة لا تشيخ ابدا، بل انها كانت وستبقى كل يوم وفي كل حين عروس الرب.
اننا نسعى لاطلاق مديات اكبر واوسع للحوارات المسكونية خاصة مع التحديات التي يفرضها العصر على كنيسة الرب ورسالتها. ان التطور المادي والتقدم التكنولوجي وعصر المعلوماتية انتجت تراجعا وخريفا روحيا يفرض على كنائسنا مجتمعة احياء وتفعيل حضورها قيما ايمانية من الرجاء والامل وكرامة الانسان الذي هو صورة الله على الارض.
العمل المسكوني ومشاركة الخبرات والمدارك والعطاء بين الكنائس يقود الى عولمة القيم السامية التي من دونها سيبقى عالمنا ورغم تقدمه التقني والمادي عالما مشوها حيث ليس بالخبز وحده يحيا الانسان.

لقد اثمر التزام كنيسة المشرق بالحوار المسكوني وثيقة غاية في الاهمية بينها وبين الكنيسة الكاثوليكية الشقيقة، الا وهي وثيقة الاعلان المسيحاني المشترك الذي تم التوقيع عليه عام 1994 من قبل صاحبي القداسة الراحلين البابا يوحنا بولص الثاني والبطريرك مار دنخا الرابع. اننا نسعى لان يكون ذلك مدخلا للمزيد من ثمار العمل المسكوني القائم على الاعتراف والاحترام المتبادل للخصوصيات اللاهوتية والقانونية والطقسية والثقافية للكنائس، فالوحدة الكنسية ليست الغاء او احتواء للخصوصيات الكنسية بل هي وحدة في التنوع.
مثلما نصلي ونعمل ان يكون تجربة قابلة للتكرار مع شقيقاتنا الكنائس الارثوذكسية لطي صفحة الخلافات اللاهوتية التاريخية والانطلاق بروح الانجيل.
نجدد التزامنا بالانتماء وتعزيز اليات ومؤسسات العمل المسكوني سواء على المستوى الوطني او الاقليمي او العالمي.. وننتهز الفرصة هنا لتوكيد دعوتنا للانتماء والعضوية الفاعلة في مجلس كنائس الشرق الاوسط وبقية اطر العمل المسكوني، مثلما نحن مشاركون فاعلون في لقاء مسيحيي المشرق.

الا اننا وبوجه خاص نجدد التزامنا بالعمل المسكوني المثمر والهادف الى وحدة الكنائس المشرقية التي تشترك بخصوصية الهوية والانتماء والارث القومي والثقافي واللغوي حيث ما يجمعنا هو اكبر وامتن واكثر تجذرا وجوهرية مما يفرقنا من اختلافات وفوارق لاهوتية او تسموية او لهجوية او مناطقية.
ما يجمعنا هو اننا جميعا كنيسة الم وامل.. كنيسة شهيدة وشاهدة في هذا المشرق..
هكذا كنا وهكذا نحن وهكذا سنبقى متالمين ولكن متاملين.. شهداء ولكن شهود.. مؤمنين ومؤتمنين على ايمان وهوية وجذور اردناها وسنبقيها مشرقية اصيلة رغم كل الرياح التي تسعى الى تغريبنا وتشتيتنا.
نجدد التزام كنيسة المشرق الاشورية تجاه شقيقاتها الكنيسة الكلدانية والسريانية بالعمل من اجل التقارب او الوحدة وتوحيد الجهد اليوم وغدا اكثر من أي وقت لنكون بمستوى ما يواجهه شعبنا من تحديات وجودية.
انني وباسم كنيسة المشرق الاشورية ادعو اخوتي بطاركة الكنائس المشرقية، وبخاصة السريانية والكلدانية، الى التزام الية عمل مشتركة بل وبلغة اليوم اقول غرفة عمليات مشتركة.

اخوتي اعضاء المجمع المقدس وابنائي اكليروس وعموم مؤمني كنيسة لمشرق الاشورية
“أَشْكُرُ إِلهِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنْ جِهَةِ جَمِيعِكُمْ، أَنَّ إِيمَانَكُمْ يُنَادَى بِهِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ” (رومية 1: 8 )
ادعوكم للصلاة من اجلي لاكون مؤهلا لحفظ الامانة الرسولية التي اوليتموني اياها.
انها مسؤولية لا يمكن لي القيام بها دون ارشاد الروح القدس الذي نستلهمه ونساله ان يكون مرشدنا كما كان دوما مع كنيسته، ودون مشاركتكم اياي في تحمل هذه المسؤولية.
اننا سنبقى ملتزمين ما جدده وارساه سلفنا الراحل مار دنخا الرابع من تنظيم والتئام دوري للمجامع السنهاديقية لاباء الكنيسة من اجل مناقشة مختلف المواضيع العقائدية والادارية والطقسية والقانونية وغيرها التي تعيشها الكنيسة وابناءها وتتطلب ارشادا او قرارا كنسيا.
وفي هذا السياق فاننا ندعو اخوتنا المطارنة والاساقفة الى تنظيم اللقاءات والاجتماعات الدورية للاكليروس على مستوى الابرشيات.
كنيستنا اليوم وبسبب ما تعيشه في الوطن والشتات تتطلب العمل المؤسساتي المنتظم والذي ينطلق من تنظيم وادارة كل رعية في اية قرية او مدينة كانت مرورا بتنظيم الابرشيات وصولا الى الكنيسة ككل.
ان مأسسة عمل الكنيسة لا يتوقف اطاره عند رسامة وتاهيل الدرجات الاكليروسية الكنسية في كل رعية وابرشية فحسب، بل يشمل تاسيس وتفعيل الموجود من هيئات تعليمية ولجان ادارية وشبابية ونسوية على مستوى الرعيات والابرشيات.
ان زرع وتنمية روح العمل الجماعي بين الاكليروس، وبينهم وبين العلمانيين القائمين على تدبير الهيئات والمؤسسات الكنسية هو شرط اساسي وضمانة لا بد منها اذا ما اردنا لكرمة الرب وكنيسته المقدسة ان تعطي ثمارا لتمجيد اسمه القدوس ولصالح كنيسته وشعبه المتالم.
ان الدرجات الاكليروسية وفي المقدمة منها الدرجة البطريركية هي درجات خدمة لا سلطة.. وحتى الصلاحيات المخولة لها انما هي لتنظيم الخدمة وليس لممارسة السلطة.
اننا ندعو ابناء الكنيسة من العلمانيين الى المشاركة في هذه الخدمة وبما منحهم الرب من عطايا ومواهب في مجال اختصاصاتهم الاكاديمية والثقافية والادبية والاجتماعية، وبما باركهم الرب من امكانات مادية او قدرات اقتصادية وغيرها.. فكنيسة الرب هي بيت الجميع ومن الجميع ومع الجميع ومن اجل الجميع..
انها دعوة مفتوحة للجميع، الا انها دعوة موجهة بشكل خاص الى شبيبة الكنيسة واجيالها اليافعة ليتقدموا ويخدموا ويستثمروا طاقاتهم وابداعاتهم في رسالة الكنيسة ومؤسساتها القائمة او التي سنسهر ونلتزم على اطلاقها من مؤسسات وهيئات اختصاصية في مجالات التعليم والنشر والاعلام والتواصل وغيرها.

اننا ندعو ونحث ابرشيات المهجر ورعياتها وهيئاتها وكادرها من الاكليروس والعلمانيين للمحافظة على الهوية والخصوصية الطقسية واللغوية لكنيستنا، وكذلك المحافظة على الهوية القومية والثقافية لشعبنا وتطويرها وتقديمها ايجابيا للمجتمعات والدول التي هاجرنا اليها.
وتحقيق ذلك لا يتم ببرامج تقتصر على المهجر فحسب بل ببرامج تعمق وتعزز الاتصال والترابط بين الوطن والمهجر.. برامج دعم مادي ومؤسساتي وتعليمي للوطن.. وبرامج زيارات دورية ومنتظمة للاجيال الناشئة في المهجر الى الوطن الأم.. فالمهجر هو ذات معنى بوجود الوطن، ومن دون الوطن ليس هناك قيمة للمهجر.
كنيسة المشرق كنيسة بشارة وعطاء.. كنيسة امل ورجاء.. كنيسة ارادة واصرار على البقاء..
انها كنيستنا الام واكليل رؤوسنا.. فلنرفع رؤوسنا عاليا ونفتخر اننا ابناءها..
ولنجدد امام الرب عهدنا للبقاء اوفياء لها ومعها فهي هويتنا وجذورنا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا.
ثلاثة مقدسات كنا وسنبقى ملتزمين بها:
مسيحيتنا واشوريتنا ومشرقيتنا
صحيح انها كنيسة متالمة وتعاني.. ولكن هل هذا هو جديد او طارئ عليها؟. انها، وكما يسميها مؤرخو التاريخ الكنسي وكما دعاها البابا يوحنا بولص الثاني، كنيسة الشهداء التي لم تندمل جروحها يوما ولكن لم تنطفئ شمعتها لحظة..
انها كنيسة تعاني ويعاني ابناءها في الوطن والشتات..
تعاني ويعاني ابناءها في الوطن من الارهاب والعنف الممنهج والتهجير المبرمج والتهميش والتمييز..
وتعاني ويعاني ابناءها في الشتات من الانصهار وضياع الهوية والخصوصية الفردية والجماعية.
الشتات لا يمكن ان يكون وطنا بديلا..
اننا ورغم كل العوامل الطاردة لنا في اوطاننا ورغم كل العوامل الجاذبة لنا في شتاتنا، ندعو ونلتزم الانتماء والتشبث بالوطن حيث الجذور والهوية.
كما ندعو التنظيمات والمؤسسات والمرجعيات السياسية القومية لشعبنا الواحد بمختلف تسمياته وبمختلف توجهاتهم السياسية الى توحيد الموقف والجهد ليكونوا بمستوى المسؤولية التي يفرضها الوضع الراهن.

اخواتي واخوتي الحضور
اتوجه بالشكر والامتنان الى شعب وحكومة العراق متوجها الى الرب بالصلاة ليتعافى من جراحه ويستعيد دوره ومكانته مهدا للحضارات، ويحافظ على تنوعه القومي والثقافي والديني.. فالعراق جميل بتنوعه الذي نحن جميعا مطالبين بالحفاظ عليه من ما يواجهه من تحديات تمس وتشوه هئا التنوع الغني.

نصلي من اجل سوريا انسانا وشعبا ووطنا ليتجاوز معاناته ويسترجع الامن والامان والسلام وينطلق نحو غد ومستقبل يضمن الكرامة الانسانية لابناءه واجياله القادمة التي عانت وما زالت تعاني الامرين من الحرب والاقتتال والتشرد والفقر والعنف والارهاب. ونصلي من اجل العودة السالمة للمطرانين المخطوفين مار يوحنا ابراهيم ومار بولص اليازجي وبقية الاكليروس المفقود.. ونصلي من اجل اطلاق سراح المخطوفين من ابناء شعبنا في الخابور.

نصلي من اجل لبنان الارز والحضارة ليتجاوز ازمته وتستعيد مؤسساته الوطنية دورها بدءا بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.

اتوجه بالشكر والامتنان العميقين الى فخامة رئيس اقليم كوردستان الرئيس مسعود بارزاني لرعايته المستمرة لشعبنا وكنيستنا وحرصه على حماية وجودها وديمومتها في الاقليم والوطن، انه بذلك يعبر تعبيرا وفيا وامينا عن التزامه للتعايش السلمي والايجابي المثمر والبناء بين ابناء الاقليم بموزائيكه القومي والديني والثقافي.

كما نتوجه بالشكر والامتنان الى حكومة اقليم كوردستان لرعايتها الكريمة والتسهيلات الكبيرة التي قدمتها لانعقاد السينودس والرسامة البطريركية في اربيل، والتي هي استمرارية لما قدمته عبر العقد المنصرم من برامج اعادة اعمار للقرى والكنائس والمدارس في الاقليم عموما ولابناء شعبنا وجه خاص. مثلما نتطلع الى ديمومة هذا الالتزام وانجاز بناية الصرح البطريركي الذي هو قيد الانشاء في اربيل.

ولاخوتي البطاركة والمطارنة والاساقفة والاكليروس من مختلف الكنائس الشقيقة الذين تجشموا عناء السفر للمشاركة في رسامتنا فاني وكنيسة المشرق الاشورية من اباء واكليروس ومؤمنين اذ نشكر لهم ذلك فاننا نرى فيه تجسيدا للطوبى الانجيلية التي يهبها الرب للاخوة عندما يكونون مع بعض ويجتمعون باسمه القدوس  ليتوسطهم ويحضر بينهم.

اشكر اخوتي اعضاء المجمع المقدس لكنيسة المشرق الاشورية للجهود والمشاركات الكبيرة التي قدموها في انجاز اعمال السينودس ومراسيم الرسامة البطريركية.
اشكر شكرا قلبيا واخويا نيافة الاسقف الجليل مار اسحق راعي ابرشية دهوك واربيل لتحمله عناء الترتيبات الادارية للسينودس والرسامة. مثلما اشكر اكليروس كنيسة المشرق الذين قدموا من مختلف الرعيات داخل الوطن وخارجه للمشاركة في احتفالية تنصيبنا.
اشكر مديرية الاوقاف والشؤون الدينية في وزارة الاوقاف في حكومة اقليم كوردستان على تحملهم جهودا كبيرة في ترتيبات استقبال واستضافة الضيوف المشاركين.
اشكر قناة عشتار وتيلي ليمير وبقية القنوات على مواكبتها وتغطيتها الاعلامية.
اشكر الرب من اجلكم جميعا.

نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.